ﺃﺧﺒﺎﺭ

مُؤتمر إثراء المُستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط يُناقش هبوط أسعار النفط وتأثيراتها على اقتصادات المنطقة
الدوحة في 12 مايو 2015م - قنا

ناقشت ورشة أسعار النفط واقتصادات المنطقة التي عقدت اليوم ضمن مُؤتمر إثراء المُستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط، الأثر الذي يخلفه هبوط هذه الأسعار على رفاه المنطقة والإنفاق الحكومي وآليات عمل حكوماتها وفق المعطيات التي تشير إلى، أن 90 في المائة من عوائدها تتأتى من النفط ومنتجات الطاقة وتنتج 20 في المائة من نفط العالم  .


وبحثت الورشة الكيفيّة التي يُمكن بها استجابة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة للتحدّيات التي يفرضها هبوط الأسعار، وأسباب التغيّر في معادلة العرض والطلب ودور المتغيّرات الدوليّة كإنتاج الغاز الصخري والمحاصصة في أوبك مثلاً في خلق هذا الواقع، والفترة الزمنيّة المُحتمل أن تأخذها هذه الدورة من التراجع حتى تعود الأسعار إلى استقرار نوعي  .


في البداية أوضح المُتحدّثون أن 40 إلى 60 في المائة من الناتج المحلي لهذه المنطقة يعتمد على النفط وهو ما يجعل المحافظة على استقرار الأسعار والبقاء بعيدا عن تقلباتها أمراً حيوياً للمنطقة، ولاحظوا على النقيض منها، أن الولايات المتحدة الأمريكية يشكل فيها النفط 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يرتبط بأسهم الشركات والاقتصاد برمته  .


ولفتوا إلى، أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها دول المجلس انخفاض الأسعار إذ شهدت انخفاضات خلال 30 سنة الماضية تباينت حدتها وطول فتراتها وكان أقساها الانخفاض الحاد الذي شهده العام 1984م، والتقلبات والتذبذبات التي عرفتها في 2010م.


لكنهم بالمُقارنة أوضحوا أن دول مجلس التعاون  هي في وضع أفضل اليوم ممّا كان عليه الحال إذ ثمّة بُنية تحتيّة مميّزة وتطوّر واضح في مؤشرات التنمية البشريّة وانفتاح على الاستثمارات الخارجيّة وتراكمات للثروة أفضت خلال السنوات الماضية إلى ما يعرف اليوم بصناديق الثروة السياديّة التي تبقى عاملاً مهمّاً في امتصاص الصدمات الناتجة عن هبوط الأسعار.. كما تضافرت جهود دول المجلس في تعزيز القطاع التعليمي والصحي والبنية التحتية واستثمرت بعضاً من عوائدها في السياحة والقطاع اللوجستي، وحسنت من التشريعات وبيئة العمل وأجهزة الرقابة الماليّة وتعزيز قطاع المال والأعمال وترجم كل ذلك في تحسينات على مستوى الحوكمة والشفافية وهو ما قاد إلى تحسن موقعها على مستوى التنافسيّة العالميّة  .


وأشار المُتحدّثون في المقابل إلى بعض من التحدّيات التي تعيشها دول المنطقة وإن كانت متفاوتة في درجة تعرّضها لمثل هذه التحدّيات كتلك المرتبطة بالتنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط والغاز من خلال إصلاح السياسات الماليّة المتعلقة بالانفاق الحكومي وتغيير آليات الدعم الحكومي القائمة حالياً بحيث تستهدف شرائح معينة وفرض الضرائب خصوصاً على القطاع الخاص وتوفير آليات لتعزيز القطاع العام 
واعتبروا أن من بين تلك التحدّيات توفير فرص العمل للمواطنين عبر إصلاح سوق العمل ونشر آليات الحوكمة وتمكين القطاع الخاص عبر تبسيط الإجراءات الحكوميّة وتعزيز الصناعات التصديريّة، وتعزيز الضمان الاجتماعي واستحداث فرص عمل جديدة، منبّهين إلى أن هذا هو الوقت الصحيح للدفع بهذه الإصلاحات  .


كما توقفوا عند تنامي أعداد السكان لا سيّما في القطاع الشبابي دون سن العشرين والفجوة بين مجموع الذكور إلى النساء بسبب الوافدين إلى المنطقة والنسبة الكبيرة من العاملين في القطاع العام والتي تصل 90 في المائة من المواطنين في الوقت الذي تعمل فيه نفس النسبة 90 في المائة من الوافدين في القطاع الخاص، باعتبارها تشكل جوانب من الصورة الكلية للتحدّيات  .


وفيما يتعلق بالعامل الدولي أشاروا إلى تشكّل ما يعرف بالثورة في قطاع الطاقة منذ الثماني سنوات الأخيرة فيما أفضى إلى وجود تكنولوجيا يُمكن الاعتماد عليها في قطاعات مختلفة وكنتيجة لذلك طفت على السطح أطراف فاعلة فمشهد الطاقة العالمي حيث وصل عدد الشركات التي تستكشف وتنتج الغاز والنفط في الولايات المتحدة الأمريكيّة إلى 6 آلاف شركة بحلول العام 2014م، فيما لم يكن يتجاوز هذا الرقم 60 شركة في الولايات المتحدة منذ نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي  .


ويرتبط بذلك بحسب المتحدّثين في الورشة، أن بعضاً من هذه الشركات قد يتعثر مع انخفاض الأسعار ولكن دوافعها في تعزيز الخدمات يجعل المُنافسة على أشدها، وقد ساعد على ذلك تحسن نجاعة وفاعليّة هذه التكنولوجيا بنسبة 25 في المائة خلال 7 إلى 8 السنوات الماضية وهو ما خفض من هامش تكلفة الإنتاج بحيث انخفضت تكلفة استخراج الغاز الصخري في 2007م  2008م من 120 دولاراً للبرميل الواحد إلى ما لا يتجاوز 50 دولاراً للبرميل الواحد حالياً مع توقعات بأن ينخفض أكثر  .


كما لفتوا إلى عامل دولي آخر مهمّ يتعلق بمسار المفاوضات الجارية مع إيران، مُشيرين إلى أن رفع العقوبات وزيادة إنتاج النفط الإيراني قد يعني ضغطاً زائداً على أسعار البترول بحيث تسير في اتجاه المزيد من الهبوط  .