افتتاح معرض التنمية القائمة على التعاون بين بلدان الجنوب في الدوحة: 15 مليار دولار مُساعدات إنمائيّة سنويّة..

والسعوديّة تتصدّر "الكرم العربي"

 

19 / 02 / 2014

الدوحة ـ هلا صغبيني

 

شكل "المعرض العربي الإقليمي للتنمية القائمة على التعاون في ما بين بلدان الجنوب" والذي بدأ أعماله أمس في الدوحة، منبراً لتدارس الحلول الإنمائية الناجحة من دول الجنوب وإمكانات محاكاتها والتوسع في تطبيقها، من أجل تحقيق تبادل ملموس للحلول والخبرات في ما بين بلدان الجنوب والمنطقة العربية، استجابة لتحديات التنمية المشتركة.

 

يقول مدير مكتب الأمم المتحدة للتعاون في ما بين بلدان الجنوب يبينغ تشو لـ"المستقبل"، إن التعاون في ما بين بلدان الجنوب هو من السمات المميّزة للتعاون الإقليمي الإنمائي العربي، لافتاً إلى أن هناك ما بين 12 مليار دولار إلى 15 ملياراً عبارة عن حجم مساعدات انمائية سنويّة تقدّم إلى بلدان في الجنوب، وفي طليعة مقدّمي هذه المساعدات تأتي المملكة العربيّة السعوديّة.

 

 ووفق أرقام رسميّة صادرة عن البنك الدولي، فان البلدان العربية القائمة بالتعاون لا سيّما السعوديّة والكويت والإمارات، لا تزال تعد من بين الأكثر سخاء، ويوضح تحليل لأرقام المساعدات بين 1973م و2008م، أن إجمالي هذه المساعدات بلغ 272 مليار دولار بمتوسّط 1،5 في المئة من الدخل القومي الإجمالي المجمع. وتم توجيه اكثر من 80 في المئة من "هذا الكرم العربي" في ما بين بلدان الجنوب إلى بلدان عربية أخرى، وقدمت السعودية خلال الفترة المذكورة نحو ثلث المساعدات تليها الكويت. وقد حصل لبنان بين أعوام 1973م و2008م على مبلغ 4،5 مليارات دولار من المساعدات الإنمائية العربية ليأتي في المرتبة ما قبل الاخيرة قبل عمان، فيما جاءت سوريا في المرتبة الأولى لتبلغ حصتها 23،6 مليار دولار.

 

 أهمية المعرض الإقليمي للتنمية القائمة على التعاون في ما بين بلدان الجنوب الذي يعتبر كأول منتدى من نوعه في المنطقة العربية، تكمن في المحاور التي يتناولها، وهي ثلاثة: توفير الوظائف وفرص العمل اللائق للشباب وللمرأة، وكفاءة استخدام الطاقة والطاقة المتجدّدة، والأمن المائي والغذائي. كما تعرض خلال المعرض الذي يحمل عنوان «تبني الحلول العمليّة» ويضمّ أكثر من 400 مشارك من 45 دولة ، نحو 40 حلا، حيث يوثق حلولاً تنموية وثيقة الصلة باحتياجات المنطقة العربية وطموحاتها، ويستعرض أدلة ومسببات نجاح تلك الحلول التي أنتجتها واختبرتها دول من الجنوب وبعض الدول في المنطقة العربية لمواجهة تحدّيات التنمية.

 

في كلمته الافتتاحية للمعرض، أكد وزير التخطيط التنموي والإحصاء في دولة قطر صالح النابت اهتمام الدولة بدعم نهج التعاون في ما بين بلدان الجنوب كمحور أساسي في تقوية أواصر التعاون الإقليمي. وقال ان «هذا الحدث الإقليمي يوفر فرصة جيدة للتواصل الاستراتيجي بين جميع داعمي التعاون بين بلدان الجنوب والمشاركين فيه من الدول العربية.» أضاف: «يقدم المعرض منصة عملية لمطابقة قدرات مقدمي الحلول باحتياجات الباحثين عنها. وبالإضافة لذلك، يهدف المعرض إلى نقل وتكرار الحلول الناجحة في استجابة للتحديات التنموية المشتركة التي تواجه المنطقة العربية".

 

وأكد زولت أتسي، نائب رئيس اللجنة رفيعة المستوى المعنية بالتعاون في ما بين بلدان الجنوب التابعة للجمعية العمومية للأمم المتحدة، أن "التعاون في ما بين بلدان الجنوب أضحى نهجاً أساسياً لبناء شراكة دولية قوية من أجل التنمية من القاعدة إلى القمة. وعلينا أن نبني على أساس هذا المورد وعلى خصائصه الفريدة، وفي السنوات المقبلة يبقى أمامنا سؤال بخصوص كيفية تحقيق أفضل النتائج على المستويين الدولي والإقليمي".

 

وقال رئيس مجموعة الـ 77، ساشا سيرجيو ليورنتي سوليز «نحن واثقون من أن المعرض سيجمع مكاتب ووكالات التعاون من الدول العربية ونظيراتها من البلدان الأخرى خارج المنطقة، بما يتيح تقاسم الحلول الجنوبية الفعالة لمواجهة تحديات التنمية أوالاستفادة من الحلول التي تقدمها هذه المنطقة".

 

وقال نائب المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي مراد وهبة:"لا تحتكر دولة واحدة أو مجتمع واحد كل الأجوبة لقضايانا المعاصرة. ومن هنا يكتسب هذا المعرض أهميته كنموذج للإبداع المشترك، يجتمع من خلاله العديد ممن ناصروا تطوير السياسات والتقنيات التنموية التي حولت الأفكار إلى واقع عملي على الأرض في دول الجنوب التي حققت نمواً متوازناً وتنمية مستدامة". ولفت الى ان هذا المعرض «يشكل حافزاً قوياً لجميع الدول العربية للتعلم من تلك الخبرات الناجحة من أجل تحقيق مكاسب تنموية ملموسة في جميع أنحاء المنطقة العربية".

 

وأكد تشو من جهته، أن "هذا المعرض يأتي كاستجابة مباشرة للطلب المتزايد من قبل شركائنا من الدول الأعضاء والمؤسسات المعنية لجعل الحلول الجنوبية العملية أكثر قرباً من السياقات الإقليمية. ويلتقي في المعرض أصحاب المصلحة من أجل تعظيم الاستفادة وتعميق أثر التعاون الإنمائي في ما بين بلدان الجنوب من خلال تبادل المعارف والخبرات، والتوسع في نقل ومحاكاة نماذج الحلول الناجحة".

 

ويأتي المعرض كثمرة لشراكة نوعية بين دولة قطر وكلا من مكتب الأمم المتحدة المعني بالتعاون في ما بين بلدان الجنوب، والمكتب الإقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وشهد الافتتاح مشاركة رفيعة المستوى لمسؤوليين دوليين شملت الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) موكهيسا كيتويي، عدد من ورؤساء وكالات ومكاتب الأمم المتحدة، وممثلين عن العديد من المؤسسات المختلفة للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، ومكاتب ووكالات التعاون الإنمائي للدول العربية، بالإضافة إلى عدد من الدول من خارج المنطقة. كما يساهم عدد من أنصار التعاون في ما بين بلدان الجنوب مثل البنك الإسلامي للتنمية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، في ضمان مشاركة واسعة في المعرض من جانب أصحاب المصلحة المختلفين ذوي الصلة من جميع أنحاء المنطقة العربية.

 

معرض للحلول الإنمائية
وأدوات للتنسيق
شهد اليوم الأول افتتاح «معرض الحلول الإنمائية» الذي يستمر ثلاثة أيام ويستعرض بعضاً من أكثر حلول التنمية نجاحاً وابتكاراً والتي طورتها المنطقة العربية وبلدان أخرى في الجنوب، وأمثلة نموذجية توضح فاعلية التجارب الحالية والمحتملة للتعاون في ما بين بلدان الجنوب. يتمّ عرض عدد من حلول الشراكة في ما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي ذات الصلة بمحاور التركيز الثلاثة للمعرض من خلال الملصقات والعروض الصوتية ـ المرئية والمواد المطبوعة والمنشورات. وتبرز الحلول المعروضة أهم السمات الرئيسية للتعاون في ما بين بلدان الجنوب.
 فضلاً عن ذلك، شهد اليوم الأول إطلاق «أداة تخطيط آليات التعاون في ما بين بلدان الجنوب في المنطقة العربية» والتي أنتجها تعاون مشترك بين البنك الإسلامي للتنمية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالتعاون في ما بين بلدان الجنوب، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تم تصميم أداة التخطيط هذه لسد الفجوة الحالية في المعلومات والأدوات والآليات الداعمة لتحقيق تعاون فاعل في ما بين بلدان الجنوب، وبنهج يتواءم وخصوصيات المنطقة العربية. وتهدف الأداة إلى تقديم معلومات عملية سهلة الاستخدام لاستعمالها من قبل الجهات الحكومية التي تمثل نقاطا الارتكاز المحوري في التعاون في ما بين بلدان الجنوب، بالإضافة إلى وكالات وصناديق وبرامج الأمم المتحدة الناشطة في المنطقة التي تهدف إلى النهوض بالتعاون في ما بين بلدان الجنوب في المنطقة بما يتفق مع أحكام مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى الخاص بهذا الشأن.
كذلك شهد اليوم الأول إطلاق "بوابة تبادل أصول وتقنيات التعاون فيما بين بلدان الجنوب" والتي تستمر هي الأخرى على مدى أيام المعرض الثلاثة وتوفر مساحة وساطة للمزاوجة بين إمكانات مقدمي الحلول واحتياجات الباحثين عن الحلول وتطلعات المستثمرين المحتملين بالحلول بهدف تسهيل إبرام الصفقات والاتفاق على الشروع في مشاريع تعاون مشترك.
كذلك شهد اليوم الأول للمعرض بداية سلسلة "منتديات تبادل الحلول الإنمائية" والتي تستمر على مدى يومين، شمل يومها الأول ثلاثة منتديات استعرضت حلولاً من الدولة المضيفة، ومن القطاع الخاص ومن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (الإيفاد).

وتستكمل منتديات لتبادل الحلول اليوم من خلال ستة منتديات تقودها عدد من وكالات وصناديق وبرامج الأمم المتحدة المتخصصة التي تنشط لتحقيق التعاون في ما بين بلدان الجنوب في منطقة الدول العربية في تجسيد لالتزام هذه الهيئات بنهج الأمم المتحدة من أجل "توحيد الأداء". وتشمل منتديات الحلول لليوم الثاني منتديات تقودها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، ومنظمة العمل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة (يونيدو)، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة