أخبار

سياسيّون: النزاعات في المنطقة تحتاج لحلّ داخلي والاعتماد على الخارج يزيد الأمور تعقيداً

الدوحة في 2 يونيو 2015م – قنا

 

 

اتفق المتحدّثون في الجلسة الثالثة من مُنتدى أمريكا والعالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة حالياً بالدوحة، والتي أدارها  السيّد سلمان شيخ مدير مركز بروكينجز - الدوحة، على أن إنهاء الصراعات والحروب في المنطقة يكمن في الحلّ الذي ينشأ من الداخل دون التعويل كثيراً على استيراد الحلول الخارجيّة خاصة وأن كل الجهات المتصارعة سواء في ليبيا أو اليمن أو سوريا أو العراق على قدم المساواة من حيث القوّة والهيمنة .
وأوضحوا في هذا الصدد أنه لا يوجد طرف أقوى من الآخر أو يسيطر على الوضع أكثر من غيره، كما أن شعوب هذه الدول أصبحت تعاني من المشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة والنفسيّة ممّا جعلها تكره الحروب والقتال الذي لا تجني من ورائه إلا الخراب والدمار والمزيد من المعاناة .
وشدّدوا على أن التدخلات الأجنبيّة في شؤون المنطقة غالباً ما تأتي بنتائج عكسيّة وتزيد من الاضطرابات والنزاعات العرقيّة والحروب الطائفيّة لأنها دائماً ما تأتي نتيجة فهم خاطئ لطبيعة المنطقة أو عدم وجود استراتيجيّة واضحة للحلّ أو لتداخل المصالح وتشعبها .
وفي هذا الإطار أوضح السيّد بيرناردينو ليون مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، أن المجتمع الدولي يحتاج إلى سياسة دوليّة أكثر وضوحاً  في المنطقة تعتمد على فهم أعمق للعوامل الإقليميّة والمحليّة ضارباً المثل بمصر التي تختلف رؤيتها عن تركيا وعن دول الخليج وكذلك الدول الغربيّة وأمريكا بالنظر إلى القضيّة الليبيّة فكل دولة لها سياساتها وتعاملاتها وسيناريوهاتها الخاصة والمتغيّرة مع الوضع هناك .
وشدّد ليون على ضرورة اعتماد سياسات اقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة واضحة يسير عليها المجتمع الدولي في تعاملاته مع المنطقة كلها تعزّز من حكم القانون وتقضي على الفقر والبطالة والاستقطاب السياسي وتحدّ من شدّة النزاع على السلطة .
وأوضح أن من أسباب الصراع داخل ليبيا بعضها يعود إلى طبيعة البلد مثل النزاعات القبليّة والاختلاف بين المنطقتين الشرقيّة والغربيّة في التكتلات الديموغرافيّة والتقدّم الحضاري.. مشيراً إلى أن القوى في ليبيا متوازنة فلا هيمنة أو قوّة لطرف على الآخر ولذلك إذا لم يتمّ التوصّل إلى تقاسم للسلطة فإن النزاعات ستستمرّ لمدّة لا يعلم مداها إلا الله .
وأكد مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا أن معظم المجموعات المتنازعة في ليبيا تؤيد الحلّ السياسي وأدرك المجتمع هناك أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي ازداد تأزّماً وتفاقما وأصبح الجميع يكره القتال ولا يدعمه، كما أن وجود تنظيم داعش في ليبيا دفع الأطراف المختلفة إلى التضامن لمواجهته، إضافة إلى أن المجتمع الليبي منسجم وغير متنوّع ممّا يسهل أمور الاتفاق ويبشّر بالخير .
ونوّه ليون إلى أن اجتماعاً للقيادات السياسيّة الليبيّة من المتوقع أن يلتئم في الجزائر غداً الاربعاء للتوقيع على مسودّة اتفاق رغم رفض بعض القيادات الليبيّة للمسودّة ورفض أخرى لبنود فيها، ومجموعة أخرى لا تريد التوصّل إلى اتفاق من الأساس.. موضّحاً أن أي قيادة ترفض مقترحات المسودّة عليها تقديم البديل .

سبب رئيسي للتوترات في اليمن  
من جانبه، أكد الدكتور ابراهيم شرقيّة نائب مدير مركز بروكينجز الدوحة أن الحلّ في اليمن لا بدّ أن يأتي من الداخل ثم إشراك القوى الإقليميّة لاحقاً.. لافتاً إلى أن القوة الدافعة للتوترات التي يشهدها اليمن ليست الطائفيّة حيث اعتادت الطوائف المختلفة على التعايش مع بعضها وإنما السبب الرئيسي يكمن في استمرار عدم تلبية مطالب ثورة 2011م أو تطبيق نتائج الحوار الوطني، إضافة إلى دور الثورة المضادة بقيادة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح  ضد الثورة التي أسقطته .
وأكد شرقيّة أن "أجندة الحوثيين سبب رئيسي للتوترات في اليمن لما تشمله من "إحياء الإمامة ورغبتهم في السيطرة على الأحزاب السياسيّة".. مشيراً إلى أن هناك شيئاً من الارتباك حول ما يُريده الحوثيّون وأنهم القوّة الرئيسيّة وراء التوتر الموجود حالياً في اليمن .
من جانبه، قال سعادة السفير مختار لماني، الممثل الخاص للأمم المتحدة في دمشق (2012م – 2014م)، إن كل هذه الأزمات في المنطقة بدأت محليّة، عدا العراق، ثم أخذت لاحقاً في العراق وسوريا واليمن وليبيا أبعاداً إقليميّة ودوليّة .
واعتبر أن العامل المشترك في هذه المناطق هو التفكك الاجتماعي وليس السياسي فقط، إضافة إلى قدر كبير من فقدان الثقة بين الأطراف المحليّة، وعدم محاورتهم لبعضهم، كما أنهم لا يفرقون بين الحوار والمفاوضات، موضحاً أن هذا ما عايشه من تجربته في ليبيا والعراق، حيث كان الساسة الذين يقابلهم يتحدّثون عن حكومة ومعارضات مختلفة، وليس هناك حديث عن الدولة .
وقال لماني: من خلال تجربتي في البلدين فإن الأمور تعقدت واتخذت بعدا دينياً، مع دخول أجندات متضاربة، مستشهداً بالبعد الطائفي الذي طغى على الأحداث في سوريا، والذي وصفه بـ"الفظيع"، وعلق بقوله:"لا أستبعد حصول إبادة جماعيّة كبيرة، لأن عناصرها متوافرة، مثلما حدث في رواندا والبوسنة".
وتابع السفير الأممي سابقاً:"هناك مخاوف بسبب النزاعات الطائفيّة بين السنة والعلويين، والمسيحيين، وكل طرف يخشى أن يتعرّض للإبادة على يد الآخر، كما هو شأن الطائفة العلويّة الأقليّة، ما دفع بالنظام السوري إلى حصر الطيّارين الذين يقصفون المعارضة في الطائفة العلويّة فقط، ولا يُسمح للسنة بذلك .
وبدوره، قال شبلي تلحامي من مؤسّسة بروكينجز- واشنطن إن هناك مشكلة في تعريف الحرب الأهليّة، فالثورات العربيّة كانت ضد الحكومات الفاشلة، لكن هناك حرباً بالوكالة ووصف الحرب الأهليّة هنا غير دقيق ، وهذه نقطة الانطلاق في النقاش، محذّراً في الوقت نفسه من أن الحروب الأهليّة ستكون لها عواقب على كل حكومات المنطقة .
وتابع قائلاً: لو نظرنا إلى تطوّر الأمور، لا يُمكن أن نفهم هذا التطوّر، دون فهم دور العامل الخارجي، فما حدث من فوضى في العراق مثلاً هو نتيجة للتدخل الأمريكي، وفي ليبيا فشل القذافي في منع التدخل الدولي، وفي اليمن كذلك. بينما في الحالة السوريّة، كانت ثورة ضد نظام استبدادي، ثم أصبح الوضع حرباً بالوكالة، مستدلاً بالتدخل الروسي الذي يقاوم تمرير أي قرار في الأمم المتحدة.. وتابع: أن الخطيئة الأصليّة للولايات المتحدة الأمريكيّة كانت حرب العراق، وقد أدرك الأمريكيّون ذلك فكل شخص يترشح للرئاسة هناك يكون الانسحاب من العراق من أولويّات حملته الانتخابيّة موضّحاً أن كل ما تعيشه المنطقة الآن من تبعات تلك الحرب .