أخبار

مُقتطفات من كلمة باترسون في المُنتدى العالمي الأميركي الإسلامي في قطر

 

 

وزارة الخارجيّة الأميركيّة
مُقتطفات من التصريحات التي أدلت بها آن دبليو باترسون
مُساعدة وزير الخارجيّة، مكتب شؤون الشرق الأدنى
الدوحة، قطر
9 حزيران/يونيو، 2014

المنتدى العالمي الأميركي الإسلامي
شكراً لك، يا تيد، على هذه المُقدّمة اللطيفة. وشكراً لأصدقائنا في مُؤسّسة بروكينغز على دعوتهم لي للتحدّث إليكم اليوم.
... ... ...


فهمت أن الجلسة العامة الأولى ستناقش مُستقبل دور الولايات المُتحدة في المنطقة. وإنني أتطلع قدماً إلى هذه المُناقشة، في الوقت الذي نستعدّ فيه لحدوث تغييرات هامة خلال العام المُقبل. ولعلكم تعلمون، فقد أعلن الرئيس باراك أوباما الشهر الماضي عن الخطة الرامية لإنهاء التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان، هذه الحرب التي استمرّت 12 عاماً. لقد فقدت الولايات المُتحدة 6812 فرداً من أبنائها الذين لقوا مصرعهم وأصيب 52032 آخرون بجروح في حروبنا في العراق وأفغانستان. لقد كلفت هذه الحروب بالفعل الشعب الأميركي حوالي 1.3 تريليون دولار، على الرغم من أن بعض المُحللين يعتقدون أن الكلفة النهائيّة ستكون أكبر من ذلك بكثير.
... ... ...


... إن التعاون الدفاعي الأميركي مع بلدان هذه المنطقة لم يكن أقوى ممّا هو عليه الآن في أي وقت مضى؛ في الواقع، إن نطاق هذا التعاون قد اتسع في السنوات الأخيرة بشكل جذري. إذ إن لدى الولايات المُتحدة 35 ألف جندي في منطقة الخليج من أفراد القوّات المُسلحة. لقد قمت قبل بضعة أسابيع بزيارة تفقديّة للأسطول البحري الأميركي الخامس في البحرين، حيث تتمركز وحدة تابعة لنا قوامها 7 آلاف جندي. أما الإمارات العربيّة المُتحدة فتُعتبر الميناء الأكثر زيارة للأسطول البحري الأميركي حينما يقوم بدوريّات في الخليج. وتتمركز في هذه المنطقة قوّات عسكريّة تابعة لنا مُزوّدة بالطائرات المُقاتلة الأكثر تقدماً بالإضافة إلى مجموعة واسعة من قدرات الدفاع الصاروخي.
... ... ...


إن الولايات المُتحدة مُلتزمة بالاحتفاظ بجيش هو الأكبر والأفضل تجهيزاً في العالم. وكان الرئيس واضحاً في خطابه الأخير في ويست بوينت عندما قال "إن الولايات المُتحدة ستستخدم القوّة العسكريّة، من جانب واحد إذا لزم الأمر، عندما تقتضي مصالحنا الأساسيّة ذلك - عندما يتهدّد شعبنا، عندما تتهدّد سُبل عيشنا، عندما يحيق الخطر بأمن حلفائنا". وستظلّ الجهود الاقتصاديّة والدبلوماسيّة القوّية تشكل حجر الزاوية في علاقاتنا الثنائيّة في الشرق الأوسط.
... ... ...


تستلزم استراتيجيّات مُكافحة الإرهاب أحياناً استخدام القوّة العسكريّة، ولكن يجب أن نستخدم أيضاً الأدوات الأخرى، بما في ذلك الدبلوماسيّة والتنمية لمُواجهة الجاذبيّة التي ما زالت لدى الإرهابيين والتي تُمكنهم من استقطاب الشباب الغاضب والمحروم والعاطل عن العمل. وكحلفاء، من الضروري أن نُعزّز العلاقات بين شركات الأعمال التجاريّة لدينا والعلاقات على مُستوى الشعوب.
... ... ...


إن تحقيق الازدهار يتطلب إجراء إصلاحات واسعة النطاق للاقتصادات العربيّة للحدّ من الاعتماد على الدعم، وإبطاء الزيادة في التوظيف في القطاع العام، والحدّ من الطلب على الطاقة. وقد عمل الوزير كيري جاهداً لوضع الأساس لتحسين الاقتصاد الفلسطيني بحيث يغلب فيه استخدام القطاع الخاص ولكن مع إشراك الأدوات الحكوميّة بصورة انتقائيّة. وقد توفر هذه الخطة المُبتكرة، المدعومة من القطاع الخاص، نموذجاً للبُلدان الأخرى في المنطقة، وستتعزز كثيراً بدعم من دول الخليج.
والتعليم العالي مجال رئيسي لزيادة التعاون لأنه مكلّف في كل من العالم العربي والولايات المُتحدة، لكن التعليم المُتطوّر يرفع توقعات وتطلعات صغار السن لحياة أفضل - وهذه التطلعات تخبو حينما يعجز هؤلاء عن العثور على فرص العمل. ولدى الولايات المُتحدة أفضل جامعات العالم وبعض من تلك المعاهد افتتحت فروعاً لها في الشرق الأوسط. كما أن برامج الدراسات الأميركيّة التي تتوّج بشهادات جامعيّة تجتذب أعداداً مُتزايدة في جميع أرجاء المنطقة.
... ... ...


... الاستقرار السياسي في المنطقة سيُشكل تحدياً كبيراً. والولايات المُتحدة تدرك جيداً أن ثمة خلافات عميقة بين أصدقائنا في هذه المنطقة حول مُستقبل الإسلام السياسي ونحن مُدركون للحاجة لتفكير جديد للتعامل مع حدّة وعُمق القضايا الطائفيّة التي تهدّد السلم في المنطقة. وهو سيكون أحد أهم موضوعات النقاش في هذا المُؤتمر. لقد شاهدنا جماعات إسلاميّة تزدهر حينما توفّر خدمات تعجز الحكومات عن تقديمها وحينما لا تكون هناك فسحة سياسيّة للحركات السياسيّة الأخرى.
والبعض في هذه المنطقة يخلطون بين الإسلاميين والإرهابيين ويرغبون في اجتثاث الإسلاميين كلية من المشهد السياسي. ونضالنا الصعب ضد المُتطرّفين العنيفين يُصبح أكثر تعقيداً بسبب وجهة النظر هذه. والحاجة للحلول التوفيقيّة تؤكدها الخبرة السياسيّة في العالم العربي وفي بلادنا. وستحتاج إلى تضافر القيادة من الزعماء السياسيين والحكومات والرموز الدينيّة والمُجتمع الأهلي- إن القيادة يجب أن تنبع من الناس هنا في هذه المنطقة.
... ... ...


تنشد الولايات المُتحدة علاقات أفضل مع إيران. ونحن نودّ أن نصدّق أن جهود الرئيس روحاني بتحسين العلاقات مع الغرب مُخلصة ومُستدامة ضمن البُنية السياسيّة لإيران. وخلافاتنا مع إيران تتجاوز بكثير القضيّة النوويّة، غير أنه في إقرار واضح منا بالتهديد الذي تمثله أسلحة إيران النووية للوجود في المنطقة وللولايات المتحدة، فإننا نعمل سويّة مع مجموعة خمسة زائد واحد لاختبار نوايا إيران.
وقد طرحنا تخفيفاً مؤقتاً ومحدوداً ويُمكن الرجوع عنه للعُقوبات مُقابل تقليص جزئي لبرنامج إيران النووي كإظهار لإخلاصنا ورغبتنا في التوصّل إلى اتفاق. وقد دأبنا على إحاطة حُكومات المنطقة عن كثب وبصورة مُنتظمة طوال هذه العمليّة. وإنني لا أستطيع أن أقول إن تلك المُفاوضات ستنجح، لكن علينا أن نسعى للتوصّل إلى حلّ دبلوماسي لوضع محفوف بالأخطار.
وإننا نعتقد أن المساعي الرامية إلى مُواجهة التحدّيات الإقليميّة ستتعزّز بوجود علاقة شراكة وثيقة مع مصر. وإننا نتطلع إلى العمل مع الرئيس السيسي وحكومته للدفع قدماً بشراكتنا الاستراتيجيّة والكثير من مصالحنا المُشتركة. إن مصر القوّية المُستقرّة والناجحة اقتصادياً ستكون مُفيدة للمنطقة وللولايات المُتحدة. وإننا نواصل حثّ حكومة مصر على الوفاء بتعهّداتها بقيادة مرحلة انتقال حاضنة تؤدّي إلى ديمُقراطيّة تحترم الحقوق الشاملة لجميع مُواطنيها بما في ذلك الحق في المُعارضة السلميّة، والاقتصاد المُنفتح الذي يوفر فرصاً للنمو والتنمية.
إن نظام الأسد الذي يرهب ويذبح أبناء شعبه ويدفعهم إلى المنفى قد أعطى حياة جديدة للعُنف والتطرّف في هذه المنطقة. وفي حين حقق النظام بعض النجاحات في ساحة المعركة، إلا أنه لن يكون قادراً على إنهاء الانتفاضة المدنيّة من خلال استخدام القوّة والقمع. كما أنه لن يكتسب الشرعيّة من خلال الانتخابات الوهميّة التي أجراها مُؤخراً. إننا سنواصل العمل مع شركائنا في مجموعة لندن 11 نحو حلّ سياسي من شأنه أن يسهل المرحلة الانتقاليّة في سوريا. وقد أكد الرئيس أوباما في خطابه الأخير في ويست بوينت رغبتنا في دعم المُعارضة السوريّة المُعتدلة التي تقدّم البديل الأفضل لكل من النظام والإرهابيين. وقد أشار إلى أننا سنقوم بالتنسيق مع شركائنا وحلفائنا لزيادة هذا الدعم. ويعتزم الرئيس أيضاً زيادة مُساعداتنا التي نقدّمها إلى جيران سوريا للتعامُل مع مسألتي اللاجئين وتدفق الإرهابيين الناجمتين عن النزاع. ولكن هذه الأزمة تتطلب منا جميعاً أن نعمل معاً ونضع شراكتنا موضع التنفيذ. نحن بحاجة إلى أن نمنع منعاً باتاً تدفق الموارد والمُقاتلين من هذه المنطقة إلى تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام (داعش) والجماعات المُتطرّفة الأخرى– كما سنحتاج لتوسيع نطاق التعاون الأمني ​​لتعزيز الدفاعات والحدود.
ولا تزال الولايات المتحدة أكبرَ مانح للجهود الإنسانيّة الدوليّة للشعب السوري. ففي الأسبوع الماضي، زار وزير الخارجيّة كيري لبنان الذي تضرّر بشدّة من الأزمة السوريّة، حيث أعلن عن تقديم مُساعدات إنسانيّة إضافيّة قيمتها 290 مليون دولار، ليصل إجمالي ما قدّمته الولايات المُتحدة إلى أكثر من بليوني دولار.
إن مُفاوضات السلام في الشرق الأوسط حالياً في فترة من التوقّف في حين تفكر إسرائيل والفلسطينيون في الخطوات التالية اللازمة لتأمين اتفاق السلام الذي استعصى عليهم لعقود عديدة..... وأودّ أن أنوّه بالدعم الذي قدّمه العديد من زعماء المنطقة لهذه المُحادثات، بما في ذلك الحوافز التي قدّموها للطرفين للتوصّل إلى حلّ. وللأسف، اتخذ كلا الجانبين خطوات أوصلت المُحادثات إلى مرحلة التوقف الحاليّة. ولكن الولايات المُتحدة لن تتخلى- ولا يُمكنها أن تتخلى- عن مُحاولة تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
... ... ...


لقد تحدّث الرئيس أوباما في أحيان كثيرة حول رُغبة أميركا في بناء علاقة جديدة مع دول المنطقة، على أساس الاحترام المُتبادل والتعاون المُشترك والتنمية الاقتصاديّة. لقد فعلنا الكثير في السنوات الأخيرة لتعميق علاقاتنا التجاريّة والاقتصاديّة، كما أن زيادة عدد الطلاب العرب الذين يلتحقون في الوقت الحالي بجامعات الولايات المُتحدة من شأنها أن تفعل الكثير لتوسيع نطاق المُشاركة الشعبيّة– وكذلك لتبادل المهارات الجديدة في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال. ولكن يُمكن القيام بأكثر من ذلك بكثير لأننا، ويعود ذلك جزئياً إلى أننا نعتقد أن كل مُجتمع- بغض النظر عن تقاليده الدينيّة أو الثقافيّة– يستفيد من توسيع الحقوق الشاملة لجميع الرجال والنساء.
لقد دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة، مرحلة أصبحت فيها مُطالبات الشعوب بتوفير مزيد من فرص الوصول إلى السلطة السياسيّة المشروعة والفرص الاقتصاديّة، آخذة في النمو. وهذه المطالب لن تتضاءل أو تتلاشى. إننا نبحث عن السُبل اللازمة لمُواءمة أنفسنا على نحو أكثر فعاليّة، سياسياً واقتصادياً، مع الشرق الأوسط باعتباره شريكاً لنا على المدى الطويل من أجل السلام والنمو الاقتصادي.
وشكراً جزيلاً.