أخبار

مُنتدى أمريكا والعالم الإسلامي يُناقش التعايُش في ظلّ التنوّع الديني

الدوحة في 11 يونيو 2014م /قنا/

ناقشت الجلسة العامة الرابعة لمُنتدى أميركا والعالم الإسلامي اليوم بعنوان "التعايُش في ظلّ التنوّع الديني" وضع الأقليّات الدينيّة حول العالم، والتحدّيات الأساسيّة التي تواجهه الأقليّات، والشراكة بين الولايات المُتحدة الأمريكيّة و العالم الإسلامي وكيفيّة الاستفادة من التحاور مع الآخر .

وأكد المُتحدّثون خلال الجلسة أهمّية البحث في قضيّة التعايُش كقضيّة محوريّة وحسّاسة في عالم اليوم، وحثوا أصحاب الديانات والطوائف والقوميّات على أن يُحافظوا على خصوصيّتهم مع تعزيز جسور التواصُل والثقة والتعاون  بين أتباع الديانات، مُشدّدين على أن التنوّع هو مصدر للثراء الثقافي والحضاري وليس مصدراً للشقاق والنزاع .
 وقال الدكتور يوسف محمود الصدّيقي العميد المُساعد لكليّة الشريعة والدراسات الإسلاميّة بجامعة قطر وعضو مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحُرّية الأديان، إن دولة قطر تمكّنت خلال فترة تولي صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني من التعامُل مع تحدّيات التركيبة السكانيّة وتوفيق مُتطلباتها من دور العبادة وغيرها حيث استطاع سموّه استيعاب التطوّرات التي يشهدها العالم في عصر العولمة ومسألة الدخول في هذه القرية الصغيرة العالميّة بالمُنطلقات والأسس الدينيّة التي يرتكز عليها.


 وأشار في كلمته خلال الجلسة، إلى أن السياسات الانفتاحيّة في الاقتصاد التي تبنّاها سموّه وغيرها من الإجراءات تتماشى كلها مع القيم الإسلاميّة التي تتفق بدورها مع المبادئ والقيم الإنسانيّة العالميّة.
كما تطرّق الصدّيقي لجُهود مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان وتواصُله مع الأقليّات ومُؤتمراته التي يعقدها التي أدّت كلها إلى نوع من التلاقي والتقارب بين الجميع، مُشيراً إلى أن قطر تراعي مبادئ القيم الإنسانيّة وتعامل في هذا الصدد أصحاب الديانات ممّن يعيشون على أرضها مُعاملة حسنة بتوفير دور العبادة لهم وغير ذلك من الأمور والمُناسبات منها موائد إفطار الصائم في رمضان التي يؤمّها المُسلم وغير المُسلم.
وأوضح أن التعايُش في ظلّ التنوّع الديني هو التواصُل الإيجابي النافع الذي يجعل من أفراد المُجتمع كتلة مُوحّدة وفاعلة تتجاوز الخصائص التكوينيّة الذاتيّة في سبيل بناء أرحب وأعمق يجعل من خصوصيّات الهويّة المُميّزة لكل أمّة عامل تنوّع وإثراء لصياغة نمط لمُجتمع جديد يستوعب الأفراد والجماعات المُختلفة في اتجاهاتها ودياناتها .
وحثّ أصحاب الديانات والطوائف والقوميّات أن يُحافظوا على خصوصيّتهم الذاتيّة التي تضفي على البناء الثقافي والحضاري سمة التعدّدية والتنوّع لا الاختلاف والتناقض والقطيعة .


وفيما يتعلق بمُبرّرات التعايش في ظلّ التنوّع الديني قال الصدّيقي إن العلاقة بين الأفراد والجماعات والأمم وأصحاب الديانات لا تسلم ولا تنجو من حالة الجمود والانغلاق الحذر الدائم من الآخرين إلا إذا بُنيت على أسس متينة من التواصُل والتحاور التي تبني جسور المُكاشفة وترسّخ الثقة مبدأ وقيمة وتشكل وعي المُجتمع .
وأشار إلى أنه عندما تترجم مبادئ الأخوة والمُساواة والعدالة إلى أعمال حيّة تزول حواجز التعصّب والظلم والشعور بالغبن والقهر، مُؤكداً على أن الإسلام المُجتمعي الإنساني يستوعب الكل بلا تمييز أو اصطفاء جائر على أسس مغلوطة من الدين، وأن ما يُبنى من جسور الثقة والتعاون والتعارُف والتعايُش في ظلّ التنوّع الديني والأقليّات القوميّة والطائفيّة، تأتي القوّة السياسيّة المُهيمنة على العالم وتهدمه بشكل مُستمرّ ومُمنهج في ظلّ القاعدة البرجماتيّة النفعيّة.
أكد على أن التعايُش في ظلّ التنوّع الديني ضرورة شرعيّة لا يتمّ إلا بمُخالطة ومُعاونة ومُعاملة الناس بالحُسنى، وأن حياة الناس لا تستقيم إلا بالتواصُل والتعارف وكسر الحواجز النفسيّة لمعرفة الآخر والوقوف على ما لديهم من أفكار أو مواقف أو نزاعات، ممّا يُحقق التآلف والتكاتف والتعارُف ومُحاولة تجاوز عقدة الانكفاء والالتفاف حول الذات، لافتاً إلى أن العالم الإسلامي قد انفتح على العالم بفنه ومعارفه وفلسفته وساهم بجدارة في الحضارة الإنسانيّة فلسفة وعلماً واقتصاداً وسيادة.
واعتبر الصدّيقي التعايُش في ظلّ التنوّع الديني ضرورة وجوديّة لأنه مُرتبط بمُستقبل الحضور والتواجد الإسلامي في النظام العالمي الجديد القائم على الكونيّة، مُبيّناً أن كل هذا يتطلب إحقاق الحق والوقوف في وجه العدوان والظلم وهي مسؤوليّة الإنسانيّة جميعاً، إنسانيّة العدل والحق المُتخذ من التعايُش في ظلّ التنوّع الديني سنداً وعضداً.
وقال "إذا أردنا الخلاص والإخلاص في إرساء روح التعايُش بين أتباع الأديان قاطبة بأيديولوجيّاتهم وقوميّاتهم علينا أن نخرج إلى المُجتمع المدني وأن نعتمد على الشخصيّات المُخلصة الصادقة والتي تحسّ ألم المُتألمين مثل شخصيّة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني صاحب الأيادي البيضاء في فعل الخير، شأنه شأن المُخلصين الذين يعملون على قاعدة التعايُش والسلم والإخاء والإنسانيّة".


ودعا إلى وضع الخطط والاستراتيجيّات الهادفة إلى حلّ النزاعات ووقف القتال بين أتباع الأديان والقوميّات والطوائف وأن تكفّ القوى السياسيّة عن إثارة طرف على طرف أو تقوية طرف على طرف وأن نعمل على رفع الأسباب والظروف التي تؤدّي إلى العنف بين أتباع الديانات والقوميّات".
من جانبها، قالت محرزيّة العبيدي معيزا، نائب رئيس الجمعيّة التشريعيّة التونسيّة، "عند التحدّث عن الحوار بين الأديان، فلا يكفي التقاء النوايا الحسنة والأفكار فقط، بل الأهمّ هو التقاء الأشخاص والإرادات، وهذا الطريق المُشترك سيعمل على كسر التابوهات المُغلقة، ومن ثم نقوم سويّاً ببناء صورة مُشتركة للمُستقبل، يتمّ فيها إتاحة الفرصة للآخر للتعبير عن نفسه، لكي يتمّ بناء مشروع حقيقي للتعايُش، خاصة إذا كنا نضطلع بمهام التقنين والتشريع، وتشكيل الفضاء العام".
وأشارت إلى أن الدستور التونسي نصّ على حُرّية مُمارسة الشرائع، لكل الأديان، وأن الدولة هي راعية للدين، مُشيرة إلى أن الدستور التونسي هو أوّل دستور في التاريخ يجرم التكفير في مواده .


 
وطالبت محرزيّة بالمُواطنة للآخر وقالت "إنهم عند إعدادهم لمشروع الدستور التونسي عملوا على أن يشمل كافة الأطياف المُتديّنة وغير المُتديّنة، وعملوا على دعوة الفئة الممثلة لليهود التي تتواجد لديهم الدينيّة منها والمدنيّة، وطالبوا أن يتمّ التعامل معهم كمُواطنين".
من جهته، قال محمد السنوسي مُدير العلاقات الخارجيّة بشبكة الأديان وصانعي السلام، "إن موضوع التعايُش في ظلّ التنوّع الديني موضوع هام وحسّاس لأنه يتناول قضيّة هامة وهي الدور الديني والمُجتمعات الدينيّة في العالم، مُؤكداً على أهمّية الدين في حياة الشعوب.  
وأكد السنوسي في الجلسة على أهمّية موضوع مُجتمع الأقليّات الدينيّة في الغرب أو في الشرق، وضرورة تقوية التعاون والشراكة بين المُجتمعات والأقليّات الدينيّة المُختلفة في العالم، مُنوّهاً إلى "أننا ننتقل من مرحلة الحوار إلى مرحلة الشراكة".  
وأضاف أن قضيّة تيري جونز الشخص الذي أحرق القرآن، أثّرت على صورة الولايات المُتحدة الأمريكيّة في العالم الإسلامي، وأنها أثبتت أن المُجتمعات والأقليّات الإسلاميّة لا تمارس حقوقها وحُرّيتها الدينيّة هناك.


كما تحدّث في هذه الجلسة السيّد رشاد حسين المبعوث الخاص لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة لدى مُنظمة التعاون الإسلامي، مُؤكداً ضرورة الاهتمام بالأقليّات الدينيّة حول العالم ومنها الأقليّات المُسلمة والتصدّي للمشاكل التي تواجهها الأقليّات سواء في دول مُنظمة التعاون الإسلامي أو الدول الأخرى .
وأشار إلى الخطوات التي قال إننا اتخذناها ونعمل من خلالها على مُعالجة هذه الأقليّات أينما وجدت ومنها نصّ القوانين التي تنبذ العُنصريّة وإشراك القطاعين العام والخاص والمُنظمات المعنيّة ومنها مُنظمات المُجتمع المدني للقيام بدور أساسي في هذا المجال.
كما أكد ضرورة التخلص من السلوكيّات والقيود التي تحدّ من حُرّية التعبير وتستهدف بعض الأقليّات الدينيّة والسياسيّة ومُعالجة الفروق وظروف عدم التسامح والأعمال العُنصريّة في بعض المُجتمعات وتصحيح المشاكل القائمة في هذا الصدد بإصلاح نظام التعليم في العالم .