وجهات النظر العربية والجنوبية تشكل أجندة التنمية

 

21 / 02 / 2014

كتب- أحمد بيومي

جريدة الوطن

 

اختتم المعرض العربي الإقليمي الأول للتنمية القائمة على التعاون بين بلدان الجنوب أعماله بالدوحة، مساء أمس، وقال سعادة محمد بن عبد الله الرميحي، مُساعد وزير الخارجيّة للشؤون الخارجية، بدولة قطر، "نحن سعداء باستضافة هذا المحفل المهم، ونرى أن النجاح الكبير الذي حققه المعرض، إنما يمثل بداية جادة لجهد من المتابعة المنسقة مطلوبة من أجل البناء على هذا النجاح لمأسسة وترسيخ نهج التعاون بين بلدان الجنوب في المنطقة العربية. وبدورنا نكرر التزامنا مواصلة التعاون مع كافة الأطراف المعنية بهذا المسعى".

 

في ما أكدت زولت أتسي، نائب رئيس اللجنة رفيعة المستوى المعنيّة بالتعاون في ما بين بلدان الجنوب التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة على أن «التعاون في ما بين بلدان الجنوب يمكنه أن يُساعدنا على صياغة أولويّات التنمية العالميّة، ولكنه لا يُمثل أجندة بديلة لأجندة الأهداف الإنمائية للألفيّة أو الأهداف الإنمائيّة المُستدامة الجديدة التي تتمّ مناقشتها حالياً". وأضاف، "ولكن الأهم من ذلك هو أن التعاون في ما بين بلدان الجنوب يُضيف أدوات عمليّة وحيويّة للأدوات المُتاحة للمجتمع الدولي في سعيه للمضي قدماً بشكل قصدي وفعّال في تشكيل مستقبلنا التنموي المُشترك".

 

وأصدر المعرض العربي الإقليمي الأول بياناً ختامياً جاء فيه أن فعاليّاته التي شارك في أعمالها أكثر من 500 مُشارك من 45 دولة، تبادلوا خلالها وجهات النظر حول الحلول التنمويّة المبنيّة على الأدلة، وآليات ومنصّات التعاون في المنطقة العربيّة وغيرها من البلدان، والتي تمّ اختبارها بنجاح في معالجة تحدّيات التنمية. وشمل "معرض حلول" مقصورات لثلاثين منظمة عرضت أكثر من أربعين من الحلول، بينما قدّمت تسعة "مُنتديات لتبادل الحلول"، أكثر من ستين من الحلول الموثقة جيداً من عشرين بلداً، من المنطقة العربيّة وخارجها.

 

وخلال المعرض تمّ إطلاق "أداة تخطيط آليات التعاون في ما بين بلدان الجنوب في المنطقة العربيّة"، والتي أنتجها تعاون مشترك بين البنك الإسلامي للتنمية، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالتعاون في ما بين بلدان الجنوب، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وثقت النسخة المطبوعة من الأداة أربعين من الحلول العملية وثمانياً وعشرين من آليات تنسيق التعاون الناجح في ما بين بلدان الجنوب من مختلف أنحاء المنطقة. تلك الحلول والآليات تمّ إدخالها كذلك كنواة للنسخة الإلكترونيّة من الأداة، والتي تهدف إلى التوسّع لتصبح مستودعاً شاملاً ومركزاً لجمع المعلومات وتوفير وسيلة عمليّة، سهلة الاستخدام، تتيح الوصول السريع إلى التجارب والخبرات والحلول والآليات الناجحة للتعاون في ما بين بلدان الجنوب من أجل تسهيل التواصُل حولها وتبادلها.

 

وأضافت اللجنة المنظمة للمعرض العربي الإقليمي الأول في بيانها الصادر مساء أمس عُقب اختتام فعاليّاته، أن "بوابة تبادل أصول وتقنيات التعاون في ما بين بلدان الجنوب (SS-GATE )" نجحت في تعبئة 67 من مؤسّسات القطاع الخاص للمُشاركة الفاعلة في المعرض، ونظمت "فضاء المزاوجة" لتسهيل المناقشات والمفاوضات بين المشاركين حول تبادل الحلول، والذي أسفر حتى الآن عن مزاوجة إحدى عشرة مؤسّسة من أجل عقد شراكات في عدد من القطاعات المختلفة بما في ذلك الأمن الغذائي، والمياه، وإدارة النفايات، والطاقة النظيفة. تواصلت جهود المزاوجة والمفاوضات خلال الأيام الثلاثة، وستتمّ متابعتها حتى بعد انتهاء المعرض.

 

ممثلو الأمم المتحدة يُشيدون بالمعرض
وأكد مُراد وهبة، نائب المدير الإقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "إن التفاني الذي شهدناه على مدى الأيام الثلاثة من هذا المعرض يذكرنا بأن دول المنطقة العربيّة وشقيقاتها في العالم أجمع، يمكنها، بل ويتوجّب عليها أن تسعى نحو التقدّم البشري باعتباره قضية مصير مشترك". وتابع "وإذ نشكر حكومة قطر لاستضافتها الكريمة هذا الحدث كعلامة أخرى على ريادتها والتزامها غير العاديين بدعم التعاون الإنمائي عبر سائر هذه المنطقة بل وخارجها في العالم كله، نتطلع إلى مواصلة التعاون مع قطر للبناء على الأسس الصلبة التي تمّ وضعها هنا في هذا المعرض من أجل ترسيخ نهج التعاون في ما بين بلدان الجنوب من أجل التنمية في المنطقة العربيّة".
وفي كلمته الختاميّة قال يى بينغ تشو، مدير مكتب الأمم المتحدة للتعاون في ما بين بلدان الجنوب:"لقد وفر هذا المعرض الرائد منظوراً إقليمياً شديد الثراء بشأن التعاون في ما بين بلدان الجنوب، وكيفية توظيفه لتحقيق نتائج التنمية"، وأضاف "المهمّة التي أضعها على عاتقي الآن هي رفع هذا الصوت الإقليمي الهام والتأكد من الإصغاء إليه على الصعيد العالمي، وأعتزم أن أحقق ذلك، ليس فقط من خلال تقريري حول هذا المعرض إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن من خلاله إلى مداولات الجمعيّة العامة بشأن أجندة التنمية الدوليّة ما بعد عام 2015م، والأهداف الإنمائيّة المُستدامة، والتي من شأنها أن تشكل مستقبل عالمنا المُشترك على مدى العقود المقبلة".

قضايا ومُشكلات الوطن العربي
تضمّنت فعاليّات المعرض العربي الإقليمي الأول العديد من الجلسات النقاشيّة التي ركزت على عدّة قضايا تخصّ تعزيز فرص عمل الشباب من خلال التعاون في ما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي في الدول العربيّة، إلى جانب التنمية المُستدامة في المنطقة العربيّة من منظور الطموح الإقليمي إلى الابتكار المحلي.
 وناقش المعرض الذي استضافته الدوحة على مدار ثلاثة أيّام مضت، طرح تصوّرات لتحقيق النمو المُستدام اعتماداً على ما يعرف بالحلول الخضراء، بينما تطرّقت جلسة أخرى إلى إبراز دور الحلول الإنمائيّة التي تدعم قدرة الفئات الضعيفة على التحمّل خلال الفترات التي تشهد تقلبات وتغيّرات، كما كانت التنمية الصناعيّة في المنطقة العربيّة وكفاءة استخدام الطاقة والطاقة المتجدّدة إلى جانب الاستثمار في المساواة بين الجنسين من المواضيع المطروحة على طاولة الحوار في المعرض العربي الإقليمي.

وقد استعرضت عدّة جلسات للمعرض أهميّة تعزيز فرص عمل الشباب ووضع الحلول والممارسات الجيّدة والدروس المُستفادة بشأن التعاون في ما بين بلدان الجنوب، والتعاون الثلاثي حول موضوع تشغيل الشباب، شارك فيها ممثلون عن الحكومات والمنظمات المعنيّة بالعمّال والموظفين مما سمح بتبادل أكبر للخبرات في مسألة توظيف الشباب وإيجاد فرص عمل لهم بطرق ابتكاريّة غير تقليديّة تركز على الحلول المُستدامة، ودعا المُشاركون إلى دعم خطط إقليميّة تستهدف توظيف الشباب مع وضع برامج استراتيجيّة وطنية أيضاً تستند إلى معلومات دقيقة عن حجم مشكلة البطالة وواقع سوق العمل. حول الموارد الطبيعيّة في الوطن العربي، ناقش المعرض خلال فعاليّاته التي انعقدت منذ الثلاثاء الماضي، زيادة الطلب بشكل كبير على هذه الموارد والحاجة العاجلة لإيجاد حلول لتعزيز استخدام المياه والطاقة، سواء من خلال سياسة إقليميّة وأكد المُشاركون أن المنطقة العربية تعاني من شح في مواردها المائية المتجددة بنصيب يقل عن 1 % من إجمالي الموارد المتجدّدة عالمياً، في حين تحوي حوالي 5% من سكان العالم، فضلاً عن أن أكثر من نصف موارد المياه المتجدّدة في المنطقة تنبع من خارج حدود الدول العربيّة، بينما نجد العديد من الدول العربيّة الشحيحة بالمياه هي من أهمّ منتجي ومصدري النفط والغاز في العالم، حيث تشير الإحصاءات إلى أن نصيب الدول العربيّة من إجمالي الصادرات بلغ 35% للنفط الخام و20% للغاز الطبيعي خلال العام 2011م، في حين بلغ احتياطي المنطقة العربيّة من إجمالي الاحتياطي العالمي من النفط 48% ومن الغاز الطبيعي 28%.