إطلاق أداة مُشتركة للتعاون فيما بين بُلدان الجنوب

 

18 / 02 / 2014

الدوحة - قنا:

 

تمّ اليوم إطلاق الأداة المُشتركة بين البنك الإسلامي للتنمية وبرنامج الأمم المُتحدة الإنمائي ومكتب الأمم المُتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب في المنطقة العربيّة.
جاء ذلك في جلسة نقاشيّة عقدت اليوم على هامش أعمال المعرض العربي الإقليمي الأوّل للتنمية القائمة على التعاون بين بلدان الجنوب والذي تستضيفه وزارة الخارجيّة بالشراكة مع مكتب تعاون جنوب - جنوب بالأمم المُتحدة ويستمرّ ثلاثة أيّام.
وقد تمّ تصميم أداة التخطيط استجابة للطلب الحالي من أجل سدّ فجوة المعلومات في مجموعة الأدوات والآليّات القائمة من أجل تعاون فعّال فيما بين بلدان الجنوب يكون فريداً وخاصاً بالمنطقة العربيّة.

 

وتهدف هذه الأداة المُشتركة إلى توفير معلومات عمليّة وسهلة الاستخدام للجهات الحكوميّة التي تمثل جهات تنسيق لغرض التعاون فيما بين بلدان الجنوب، بالإضافة إلى وكالات وصناديق وبرامج الأمم المُتحدة النشطة في المنطقة في أعمالها التي تسعى إلى تحقيق أهداف التعاون فيما بين بلدان الجنوب بما يتفق مع ما ورد في الوثيقة الختاميّة لمُؤتمر الأمم المُتحدة للتعاون بين بُلدان الجنوب والذي عقد في نيروبي عام 2009م.

 

وأكد السيّد رضوان حرسي محمد نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الدينيّة والأوقاف بجُمهوريّة الصومال أن التغيّرات الإنمائيّة التي تحدّث في عالم اليوم تسير بخطى مُتسارعة وتسبق الزمن ولا سيّما في الدول المُتقدّمة، وتحاول دول الجنوب أن تلحق بهذا الركب وهذا ما يجعل التعاون فيما بين دول الجنوب أمراً حتميّاً ليتمّ تبادل الخبرات ولتساعد الدول النامية الدول الأقلّ منها نموّاً ولتتكامل الحلقات المُتصلة بالتنسيق والتعاون وتتشابك الفرص.

 

وقال إن هذا المُؤتمر الذي يحضره مسؤولون من مُختلف الدول والمُنظمات الدوليّة والهيئات العالميّة يُعتبر فرصة مُهمّة لتبادل الأفكار والرؤى وتحديد المكاسب من تفجير الطاقات وتوفير فرص العمل لأكبر عدد ممكن من مُواطني تلك الدول.

 

واعتبر أن مُشاركة الصومال في هذا المُؤتمر والمعرض يُتيح لنا فرصة للقاء بالعديد من مسؤولي الدول ومن قيادات العمل التنموي في المُنظمات الدوليّة المُتخصّصة مثل البرنامج الإنمائي للأمم المُتحدة والمُنظمات ذات الصلة.

 

وأشار إلى أن الصومال عانى ولا يزال كثيراً من الحروب الأهليّة التي استمرّت طيلة عقدين من الزمن قادت إلى انهيار المرافق العامة وضعف الخدمات الأساسيّة مثل الصحّة والتعليم ممّا أدّى إلى تفشّي الأمراض وسوء التغذية وتدهور مُستوى المعيشة لدى الأفراد وكذلك اتساع رقعة البطالة، وهو ما جعل الشباب يلجأون إلى الهجرة غير الشرعيّة كما ظهرت القرصنة وحدث اختراق للأفكار المُتطرّفة والغريبة في أوساط الشباب الناشئ، وهو ما أدّى إلى تنامي تلك الأفكار المُتشدّدة لتستفيد من هذا الوضع المأساوي الذي تعاني منه الصومال.

 

وتابع أننا في الحكومة الجديدة وضعنا برنامجاً مُكثفاً وخطة استراتيجيّة لاستعادة الأمن والاستقرار وبسط السيطرة في ربوع الوطن، كما عملنا على وضع برامج ومشاريع تنمويّة لخلق فرص العمل للشباب العاطل مع التركيز على تصحيح الأفكار المغلوطة ومُكافحة التطرّف والعنف بالحوار والفكر ونشر الوعي وتأهيل الشباب العائدين من الحركات الضالة ودمجهم في المُجتمع وتوفير الخدمات الأساسيّة للناس وبناء المرافق العامة والمُؤسّسات الحكوميّة، وكذلك إطلاق حملة مصالحة وطنيّة شاملة لتلتئم لحمة الوطن.

 

وشدّد على ضرورة التركيز على فئة الشباب كونهم عرضة لمثل هذه الأفكار التي تؤدّي إلى تدمير كامل للبنية التحتيّة للمُجتمع الصومالي.. وأشار كذلك إلى أن هناك برنامجاً لتطوير المرأة الصوماليّة التي عانت من الحروب الأهليّة، وقال إنه لا بدّ لها من أن تدخل في نسيج برامج الحكومة الصوماليّة.

 

واقترح السيّد رضوان حرسي محمد عقد مُؤتمر دولي لإعادة إعمار الصومال باعتبارها من المسائل الأساسيّة والمُهمّة والتي يجب أن تحدث في القريب العاجل.

 

من جانبه.. قال الدكتور علي مثنى حسن نائب وزير الخارجيّة اليمني إن العلاقات بين الشمال الغنيّ والجنوب الفقير لها طبيعة مُختلفة، حيث كانت دول الشمال بفضل تقدّمها الصناعي والتكنولوجي تستحوذ على 84% من النشاط التجاري العالمي وشكلت دول الجنوب لها مصدراً مُهمّاً للمواد الخام وسوقاً مفتوحة للتجارة العالميّة مُحدثة بذلك فجوة اقتصاديّة كبيرة بين مُستوى دخل الفرد في دول الشمال ومثيله في دول الجنوب.

 

وأضاف أن هذه الصورة تغيّرت نسبيّاً في بعض دول الجنوب وخاصة في عدد من الدول العربيّة وتحديداً دول الخليج التي تمكنت خلال الأعوام القليلة الماضية من تحقيق إنجازات تنمويّة مُتسارعة بفضل التقدم الصناعي والتطور التكنولوجي ونظم الاتصالات التي استفادت منها هذه الدول لتحقق قفزة تنمويّة كبيرة في مُختلف المجالات خلال فترة قصيرة.
وأشار إلى أن العالم بأسره تابع التحوّلات الكبيرة التي شهدتها بُلدان الربيع العربي خلال الثلاث سنوات الماضية وما شهدته من تغيّرات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، وقال إن اليمن يُعدّ واحداً من تلك البُلدان التي طالتها تلك الأحداث، حيث كانت تلك التحوّلات نتاجاً طبيعيّاً لتعثر التنمية وتراجع مُعدّلات النمو وارتفاع البطالة واتساع رقعة الفقر، بالإضافة إلى سوء إدارة الموارد وانتشار الفساد وغياب مبادئ العدالة والمُساواة والتفاوت في التنمية بين المركز والأقاليم، ممّا دفع الشباب من الجنسين إلى الخروج في الشارع للمُطالبة بالتغيير وإعادة بناء البلاد.

 

وأكد أن اليمن نجح في التغلب على التحدّيات التي كانت تدفع بالبلاد إلى الحروب الأهليّة لولا تحكيم العقل ولجوء الأطراف السياسيّة والاجتماعيّة والقوى الفاعلة في المُجتمع والقيادة السياسيّة إلى الحوار وكذلك بفضل مُساندة الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت مع اليمن منذ بداية الأزمة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي التي مكنت اليمنيين من تجاوز تلك الأزمة وتشكيل حكومة وفاق وطني وصولاً إلى مُؤتمر الحوار الوطني وفقاً للمُبادرة الخليجيّة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

واعتبر أن بلاده تخطّت مرحلة هامة في خريطة الطريق لبناء البلاد من خلال الحوار الوطني الذي شاركت فيه كل القوى السياسيّة والاجتماعيّة والشباب والحراك السلمي الجنوبي والحوثيين، لينطلق اليمنيّون بعد ذلك إلى آفاق جديدة في صياغة دستور جديد وإعادة بناء هياكل الدولة وإرساء نظام سياسي واقتصادي جديد يكون الشباب في جوهره.

 

بدورها.. قالت السيّدة زاكية الميداوي مُدير إدارة العلاقات مُتعدّدة الأطراف والتعاون الاقتصادي بوزارة الشئون الخارجيّة في المملكة المغربيّة إن انعقاد هذا المُؤتمر يتزامن مع تحدّيات اقتصاديّة صُعبة أبرزها ظاهرة الاحتباس الحراري وتفشّي الأوبئة والفقر وتداعيات الأزمة الاقتصاديّة العالميّة.

 

وأضافت أنه في ظلّ كل هذه التحدّيات فإن المغرب يُعرب عن التزامه الراسخ بتحقيق الأهداف الإنمائيّة المُتفق عليها دوليّاً، لا سيّما من خلال انخراطه في التعاون جنوب - جنوب والتعاون الثلاثي الذي يظلّ أساساً لبناء علاقات اقتصاديّة قويّة تمكن من تحريك عجلة النمو الاقتصادي والقضاء على الفقر والبطالة وللمُساهمة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

 

وأشارت إلى أن المغرب عبر عن انخراطه في التعاون جنوب - جنوب وكذلك التعاون الثلاثي وخاصة مع الدول العربيّة والأفريقيّة كما نصّ على ذلك دستور المملكة على اعتبار أن هذا النوع من التعاون يُعدّ من أولويات سياسة المغرب الخارجيّة.

 

وأوضحت أن التعاون جنوب - جنوب يتناول مُختلف المجالات سواء السياسيّة أو الاقتصاديّة أو التقنيّة، كما أن المغرب يعمل باستمرار على صعيد التعاون مُتعدّد الأطراف وعلى الصعيد الإقليمي والثنائي في إطار التعاون جنوب - جنوب من أجل المُساهمة في تعزيز أواصر التضامن والوحدة بين البُلدان النامية لضمان تسريع تحقيق الأهداف الإنمائيّة للألفيّة.

 

وأكّدت أن المغرب جعل من تطوير القدرات محوراً أساسيّاً في برنامج التعاون جنوب - جنوب لاقتناعه بأن رأس المال البشري ينبغي أن يكون محور كل الاستراتيجيّات التنمويّة، ووضع المغرب الإطار القانوني الذي تتطلبه أشكال التعاون مع أفريقيا على سبيل المثال ممّا نتج عنه إبرام حوالي 478 اتفاقاً وبروتوكولاً مع أكثر من 40 بلداً أفريقياً لتشجيع القطاع الخاص على تعزيز التجارة بينها وزيادة في استثمارات المغرب إلى شركائه الأفارقة وبشكل خاص إلى البُلدان الأقلّ نمواً بهدف تعزيز المبادلات التجاريّة.

 

وأكّدت استعداد بلادها لتقاسم الخبرات مع البلدان الأخرى في إطار التعاون جنوب - جنوب والتعاون الثلاثي على أساس الشراكة والتضامُن بهدف تعزيز نقل الخبرات والمهارات والتقنيّات وتحقيق التنمية المُستدامة.
من ناحيته.. قال الدكتور أحمد تكتك نائب رئيس البنك الإسلامي للتنمية إن التعاون بين دول الجنوب بات أمراً حتمياً يجب العمل على تحقيقه لأنه أصبح أداة مُهمّة جداً في تحقيق التنمية الاقتصاديّة الحقيقيّة، مُعتبراً أن السبيل إلى تحقيق ذلك هو السعي الحثيث للحُصول على المعرفة.

 

وأوضح الدكتور أحمد تكتك أن المعرفة والخبرات والتكنولوجيا لم تعد الآن تأتي فقط من دول الشمال، بل أن بُلدان الجنوب باتت تقدم الكثير من الحُلول الناجعة لمُختلف الأزمات العالميّة الكبرى.

 

وأكد تأييد ودعم البنك الإسلامي للتنمية للتعاون فيما بين بلدان الجنوب منذ انطلاقه، موضحاً أن البنك هو الوحيد الذي نشأ من خلال التعاون بين بُلدان الجنوب، حيث يوجد لدينا 56 دولة عضو تمتدّ من جنوب أمريكا إلى جنوب شرق آسيا وتشمل جميع الدول العربيّة.


واعتبر أن تأسيس البنك الإسلامي للتنمية يعزز التعاون بين بُلدان الجنوب، وقد قام البنك بإطلاق برنامج للتعاون عام 1993م لتعزيز وسدّ الاحتياجات المطلوبة في بعض الدول من خلال تبادل الموارد المُتاحة.

 

وأوضح أنه لكي نستفيد من هذه التجربة من أجل مُعالجة الاحتياجات يقوم البنك بتقديم نماذج أعمال وبرامج تهدف إلى توسيع فعاليّات برامج التعاون بين بلدان الجنوب من خلال تطبيق منهجيّة تعتمد على النتائج، فعندما تتبادل الدول خبراتها فيما بينها فإنها تستفيد من تجارب بعضها البعض وهذا التبادل يحقق الفائدة للجميع.

 

وقال إن العديد من الدول العربيّة تواجه الكثير من التحدّيات التنمويّة مثل الزيادة في استهلاك المياه وتدنى الإنتاج الزراعي، ممّا يجعل هناك ضرورة ملحة للدول العربيّة أن تتبادل الحُلول فيما بينها لحلّ تلك المُشكلات، مُشيراً في هذا الصدد إلى أن هناك بعض الدول العربيّة تخطط لإقامة وكالات للتعاون في وحدات مُتخصّصة بين الوزارات المُختلفة، وبالتالي فإن فرص نجاح تعاون الدول العربيّة باتت كبيرة بالنظر إلى الإمكانيّات الهائلة التي تتمتع بها تلك الدول.

 

وأكد أن المُؤسّسات والمُنظمات التنموية العربيّة والإقليميّة والدوليّة تقدّم الدعم لهذا التعاون ومنها البنك الإسلامي للتنمية الذي هو حلقة وصل في تحقيق هذا التعاون، مؤكداً أن المجال مفتوح لتبادل الأفكار والحُلول فيما بين الدول العربيّة ودول الجنوب للعديد من الإشكاليّات القائمة.

 

وبدوره.. قال السيّد أحمد الهنداوي مبعوث الأمين العام للأمم المُتحدة للشباب إن الشباب في عالم اليوم باتوا هم عماد التنمية الحقيقيّة، حيث يبلغ عددهم اليوم نحو مليار و800 مليون يعيش أكثر من 87% منهم في دول الجنوب، بل إن نصف عدد سكان العالم تحت سنّ 25 عاماً.

 

وأوضح أن هذا العدد الهائل من الشباب يُمثل اليوم فرصة حقيقيّة للتنمية وربما يُمثل تحدّيّاً أكبر، فمُعدّلات البطالة غير المسبوقة بين الشباب تشكل تحدّياً كبيراً، وهناك تحدّ آخر وأكبر وهو غياب المُواءمة بين مُخرجات التعليم وحاجات سوق العمل المُتغيّر، إضافة إلى مطالب شباب اليوم بمُشاركة أوسع في مُختلف مجالات العمل العام والخاص، وكلها تحدّيات وفرص إن أحسن استغلالها فإنه يمكن لمنطقتنا العربيّة أن تحقق التنمية المنشودة.

 

وأشار إلى أن نسبة البطالة بين الشباب العربي تصل إلى نحو 26% وهي الأعلى في العالم، ومن المُفارقات أنه كلما زادت فرص تعليم الشباب زادت فرص التحاقهم بركب العاطلين عن العمل.

 

ولفت إلى أن نسبة الأمّية بين الشباب في المنطقة العربيّة تصل إلى 16% وهي نسبة مُرتفعة، لكن هذا لا يلغي وجود تقدّم حقيقي حصل في منطقتنا في السنوات الأخيرة على صعيد التعليم كمّاً ونوعاً.
وأكد على جهود الأمم المُتحدة في مجال الاستثمار في الشباب وتوحيد الجهود والطاقات لتحقيق تطلعاتهم.. وشدّد على ضرورة تعزيز مُشاركة الشباب في عمل الأمم المُتحدة وتحديداً في برامج التنمية على المُستويات الإقليميّة والدوليّة، والعمل على زيادة الوعي بقضايا الشباب من تشغيل وتعليم وصحّة ومُكافحة الجرائم وغيرها.


وأشار إلى أهمّية تعزيز الشراكات بين الأمم المُتحدة والمنظمات والمُؤسّسات الإقليميّة المعنيّة بالشباب لدعم تنفيذ برامج دعم الشباب وتحفيز السياسات الوطنية وخاصة في المنطقة العربيّة.