مؤتمر الدوحة الثاني عشر لحوار الأديان "الأمن الروحي والفكري في ضوء التعاليم الدينيّة" خلال الفترة من 16 إلى 17 فبراير 2016م الدوحة - قطر
ﺃﺧﺒﺎﺭ

مؤتمر الدوحة لحوار الأديان يناقش دور الدين في تعزيز الأمن الروحي والفكري

 

 

الدكتورة أمينة حوتي من المملكة المتحدة

 

 

الدكتور محمد سراج الدين شمس الدين من أندونيسيا

 

الدوحة الثلاثاء في 16 فبراير 2016م /قنا/

 

خصّصت الجلسة العامة الأولى لمؤتمر الدوحة الثاني عشر لحوار الأديان لموضوع "الدين وحدة إنسانيّة مشتركة للأمن الروحي والفكري" وعرض فيها أكاديميّون ومتخصّصون دور الأديان في تدعيم القيم الإنسانيّة وتعزيز الأمن الروحي والفكري للمجتمعات البشريّة. 
واتفق المتحدّثون على أهمّية دور الأديان في الوقت الراهن لمواجهة التحدّيات في مجال الأمن والسلم وحماية المجتمعات من الانحراف الفكري والتطرّف الديني وإشاعة قيم التسامح والاحترام والعيش المشترك. 


وأكدت الدكتورة مريم آيت أحمد أستاذة الأديان المقارنة والفكر الإسلامي (المغرب) أنه لا سلم اجتماعي ودولي، دون حماية الفكر، ورأت أن كل سلوك وانحراف، يبدأ بزعزعة الأمن الفكري. 


وأشارت إلى أن الأديان جميعها تتفق على احترام القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة المشتركة، غير أنها تساءلت عمّا حققته القيادات الدينيّة العالميّة لحماية الأمن الروحي والفكري للإنسان في ظلّ الحروب التي تشنّ باسم الدين. 


ودعت الدكتور آيت أحمد إلى ابتكار آليّات لحماية السلم المجتمعي والدولي ومواجهة التحدّيات المرتبطة بذلك، وقالت "إن هناك فكراً حيّاً لصناعة الموت ولا بد من مواجهته بفكر حيّ يصنع السلام". 


ورأت أن نقطة الانطلاق لصناعة فكر حيّ يصنع السلام هي "البدء بمراجعة ذواتنا ومفاهيمنا حول النصّ التاريخي الذي كتبناه خطأ وتوارثته الأجيال، وأحدثت إقصاء للآخر، ورفضاً لثقافته". 


ودعت إلى تبنّي ميثاق شرف عالمي لمنع ازدراء الأديان والمقدّسات والمشاعر الدينيّة للآخر، والقيام بجهود بحثيّة تستثمر في المؤسّسات التعليميّة والأهليّة لتعزيز الأمن الفكري والروحي وتوسيع مدارك المتلقي لاستيعاب مفهوم أرض الوطن، بالموازنة مع أرض المواطنة العالميّة، في إطار احترام التنوّع الثقافي والديني. 


ودعت في ختام مداخلتها إلى تأسيس هيئة دينيّة عالميّة لها سند قانوني دولي تكون منبراً وصوتاً للقيادات الدينيّة لتعمل بالتشارك مع القيادات السياسيّة بما يخدم السلام والأمن العالمي ويواجه مهدّدات الأمن الفكري والروحي. 


من جانبه، تحدّث الحاخام أوليفر ليمان من الولايات المتحدة الأمريكيّة حول اهتمام الأديان بالأمن الروحي والفكري، مشيراً إلى الوسطيّة في الدين الإسلامي وقيم الصبر والتسامح في المسيحيّة. 


بدورها، قالت أمينة حوتي، من المملكة المتحدة إن لدى الحضارات الدينيّة نماذج رائعة للتعايش مشيرة في هذا الإطار إلى الحضارة الإسلاميّة في الأندلس التي استوعبت أهل الأديان كافة، ودعت لقبول التنوّع والتعدّد واحترام الآخر وتكريس الجهود لتعزيز هذه القيم. 
ونوّهت في كلمتها بجهود دولة قطر في مجال الحوار الحضاري والديني من خلال مثل هذه الملتقيات والمنتديات بما يعزّز السلام والأمن في العالم. 
من ناحيته ركز باتريس برودر من كندا على دور النظم التعليميّة لترويج ثقافة التراحم والحكمة والتواصل بين الشعوب، بما في ذلك البرامج التعليميّة لوزارات الشؤون الدينيّة، وشبكات التواصل الاجتماعي. 


وتحدّث معز الخلوفي وهو تونسي مقيم بألمانيا عن تجربته في التعليم بالمدارس الألمانيّة بعد أحداث 11 سبتمبر، والجهود التي بذلت لتدريس الإسلام بمدارس ألمانيّة. 


وختم الدكتور محمد سراج الدين شمس الدين من أندونيسيا الجلسة بمداخلة أشار فيها إلى أن العنف ليس ظاهرة فريدة للجماعات الإرهابيّة، فهناك عنف للدولة وعنف رأسمالي وعنف مجتمعي. 


ولفت إلى أن الإسلام دين الرحمة والسلامة، والمشكلة في عدم قدرة البعض على فهمه على نحو صحيح، محذّراً من وجود عناصر غير دينيّة واقتصاديّة وسياسيّة، من قبيل انتشار الظلم، تستغلها بعض المجموعات التي لديها الذخيرة الكافية لتفسير الدين على نحو خاطئ. 
وأوضح أنه "لا بدّ من تبسيط الديانة الحقة، وتعزيز الوسطيّة، ونشرها لتشكل اتجاها سائداً في مجتمعاتنا، من خلال التربية والتعليم، وأن يكون لنا خطاب مناوئ للخطاب التطرّفي، ويقظة السواد الأعظم من الغالبيّة الصامتة لتكون يقظة وتلعب دورها". 


وختم قائلاً:"نحتاج لإطار حوار مختلف، لا يكتفي بالحوار بين الأديان، بل بالحوار داخل الدين الواحد، من خلال حوار صادق يصل بنا إلى حلّ المشاكل". 


وعقب الجلسة العامة عقدت ثلاث حلقات نقاشيّة الأولى حاولت الإجابة عن سؤال حول تحديد جوهر العلاقة بين الأمن الحسّي والأمن الفكري، فيما تناولت الثانية محور حماية حقوق الأفراد وحرّياتهم الدينيّة والفكريّة في المجتمع، وركزت الثالثة على أهمّية الوازع الديني كمنبع للقيم الأخلاقيّة. 
وفي الجلسة العامة الثانية التي عقدت مساء اليوم ناقش المشاركون أساليب ووسائل زعزعة الأمن الفكري والأخلاقي وتحدّث علماء ومفكرون من أتباع الأديان من قطر والولايات المتحدة وباكستان. 


وتحدّث سامي النشاشيبي وهو ناشط مسلم في الولايات المتحدة الأمريكيّة عن بعض الأحداث التاريخيّة التي رأى فيها انحرافاً عن جوهر الأديان السماويّة وتداعيات ذلك على العلاقة بين اتباع الأديان، فيما رأى ريفين فايرستون الأستاذ الجامعي في الولايات المتحدة أن أكبر مهدّد للأمن الفكري والروحي هو التكفير، وقال إن التكفير ورفض الآخر يهدّد الأديان برمتها. 


إلى ذلك أكد الشيخ الدكتور علي القرّه داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الارهاب خطر يهدّد الأمن الفكري والروحي، مشدّداً على رفض إلصاق الإرهاب بأي دين من الأديان، وقال "إن الأديان وفي مقدّمتها دين الإسلام جاءت بالسلام والمحبة والأمن والرحمة لبني البشر". 
ودعا جميع أتباع الأديان إلى الترفع والتسامي عما يزعزع الأمن بمفهومه الشامل والتعاون المشترك بما يصبّ في مصلحة البشريّة ويحقق الأخوة الإنسانيّة. 


ولفت إلى مقاصد الشريعة في الإسلام والمتمثلة في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والعرض وحماية أمن المجتمع، وأمن الدولة ككل، وقال "هذه مقاصد الشريعة الإسلاميّة ولعلها مقاصد مشتركة في جميع الأديان وفي محصلتها النهائية هو الأمن الشامل الفكري والروحي والإنساني وهي غاية إرسال الرسل وإنزال الكتب". 


وأكد الدكتور القرّه داغي أن الغلو والتطرّف لم يأتيا من فراغ بل كانت لهما مسبّبات كثيرة على رأسها الاستبداد والطغيان والدكتاتوريّة والفهم العقيم للنصوص الدينيّة. 


كما تحدّث في الجلسة جافيد وليامز من باكستان حول دور المعرفة في الأمن الفكري، داعياً القادة الدينيين والعلماء والمفكرين في جميع الأديان للمساهمة في رفع مستوى الوعي حول القضايا الدينيّة وتعزيز قيم التعايش والعيش المشترك. 


ومن المقرّر أن تستأنف غداً الحلقات النقاشيّة لبحث أساليب ووسائل زعزعة الأمن الفكري والأخلاقي وسُبل مواجهتها وذلك من خلال مجموعات عمل متزامنة يعقبها عقد الجلسة العامة الثالثة حول تحصين الشباب من العنف الفكري والأخلاقي. 


كما ستعقد غداً حلقة نقاشيّة عامة حول استراتيجيّات حماية الأمن الروحي والفكري، وتقديم قراءة لاستشراف المستقبل، تعقبها الجلسة الختاميّة للمؤتمر وإعلان التوصيات.