ﺃﺧﺒﺎﺭ

دعوة لبناء عالم يعيش في وئام وسلام

 

 

الخميس 27/5/1435 هـ - الموافق 27/3/2014 م
جريدة الراية
كتب - سميح الكايد :

 

اختتمت أمس أعمال مؤتمر الدوحة الدولي الحادي عشر لحوار الأديان بحزمة من التوصيات تتناول نظرة الأديان للشباب والتحديات التي تواجه الشباب وما قدمه حوار الأديان لهم وما قدمه الشباب كذلك من أجل الحوار، حيث تجلت في هذا المحور روح التسامح والإخاء والتعايش في فضاء علمي أكاديمي جسد حقيقة التنوع والاختلاف المشروع. ورفع المشاركون في ختام المؤتمر أسمى آيات وعبارات الشكر والتقدير والامتنان لدولة قطر أميراً وحكومة وشعباً، مثمنين جهود مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ودوره الريادي في بناء جسور التواصل مع أتباع الديانات والثقافات وإسهامها المتميز في العمل المشترك.


وأوصى المشاركون في الجلسة الختامية التي سادتها روح التفاؤل وأجواء مشجعة تعكس مدى نجاح الهدف من المؤتمر بالعمل على تدريس قصص الأنبياء لاتباع الديانات والمستوحى من نصوص الكتب المقدسة وفقاً للبيان الختامي، كما أوصوا بالعمل على تذليل الصعوبات والتحديات التي تحول دون ممارسة الشباب لدورهم الريادي في الحوار والعمل على بلورة خطاب إعلامي يكرس ثقافة الحوار والتعايش. ودعوا وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي إلى تبني الموضوعية وثقافة التعايش والسلام والأمن، والمؤسسات وشركات الإنتاج لإعداد برامج شبابية تكرس روح التعاون والمحبة والسلام بين أتباع الديانات السماوية والثقافات الأخرى.


وشددوا على أهمية الاستفادة من الوسائط الإعلامية والتقنيات الحديثة في ميدان المعلومات لبناء جسور التواصل والتعاون والعمل على تكريس ثقافة التنوع والتميز في المناهج التعليمية والبرامج الإعلامية. ودعوا الجامعات والمعاهد والمؤسسات لإيجاد مراكز أبحاث تعنى بدراسة الحال والواقع في التعامل مع التحديات التي تواجه الشباب في الواقع المعاصر.


وأكدوا ضرورة مراجعة وتصحيح صورة الآخر في المناهج التعليمية عند جميع الأديان فيما دعوا المنظمات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية إلى إشراك الشباب في تعزيز ونشر ثقافة الحوار، مشددين على ضرورة تفعيل مؤسسات المجتمع المدني للحوار بأوساط الشباب بقصد تحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي خاصة في المجتمعات الأقلية.


وفي هذا السياق دعا المشاركون صناع القرار في دول الأقليات لتحقيق المواطنة والاندماج الإيجابي في ظل مراعاة الخصوصية والهوية لدى الأقليات، كما أوصوا بإرسال وفد للوقوف على حقيقة ما يجري بإفريقيا الوسطى من اعتداءات على الإنسان والمسلمين تحديداً والعمل على تقديم مقترحات لتحقيق السلم والأمن والاستقرار والعيش المشترك. ودعوا الأمم المتحدة والهيئات الإقليمية والدولية لاستصدار قوانين وتشريعات تكرس حرية الفرد والمعتقد وحقوق الأقليات في ممارسة الشعائر الدينية والتعبدية ورفض كل أشكال معاداة السامية والمسيحية والإسلام والعنصرية والتمييز. كما دعوا مركز الدوحة لحوار الأديان إلى عقد ندوات وورشات عمل ومؤتمرات في بلدان الأقليات تجسيداً لرسالته وتفعيلاً لتوصيات المؤتمرات السابقة.


تلا البيان الختامي للمؤتمر سعادة الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة لحوار الأديان عقب جلسة ختامية اتسمت بأجواء عكست مدى التآلف والتقارب في الطرح والحوار بين مختلف اتباع الديانات في المؤتمر الذي شارك فيه أكثر من 350 مشاركاً ومشاركة يمثلون كل أتباع الديانات والثقافات العالمية، حيث جرت مناقشات اتسمت بالتقارب الكبير في وجهات النظر المختلفة وكان هناك إجماع وتأكيد واسع على دور الشباب في تعزيز الحوار بين مختلف الأديان وقدرتهم على مكافحة التعصب والأفكار المغلوطة حول الآخر من أجل توحيد الجهود العالمية لمكافحة التعصب والتمييز على أساس الدين والمعتقد.


وأشار المشاركون إلى مبادرة قطر في إعداد قانون لمنع الإساءة والتعدي على الأديان وتجريم هذا التصرف على الصعيد الدولي، حيث تناول المشروع تجريم كافة صور التعدي على الأديان والاستهزاء بالأنبياء والتصدي للجرائم الإلكترونية في هذا المجال، مؤكدين أن هذا الطرح لا يتناقض مع حرية الرأي والتعبير.


وشدد المشاركون على دعوة الشباب للمشاركة الفعالة في مثل هذه الحوارات من أجل تصحيح المسار والقدرة على مواجهة التحديات التي تشكل عقبات أمام التفاهم والتسامح والسلام الديني ، كما دعوا إلى تشكيل حوارات مصغرة بشكل مستمر من أجل التواصل وبناء علاقات تعاون وتعزيز قدرات الشباب وملاقاة الآخرين وتعزيز قيم كل الأشخاص والسلوك الأخلاقية الدينية والثقافية.


وأشاروا إلى أن من التحديات التي تواجه الشباب في هذا المسار تجاذبات الهوية في المجتمعات غير المسلمة ومفهوم المواطنة وخروج الإعلام عن الحقائق والواقع في الغرب، حيث يصف العرب أحياناً بالفسق والبدوي والجمل وفي الختام يلبسونه تهمة الإرهاب وينادونه إرهابياً. وشددوا على أهمية حرية التعبير لكل طرف من أجل الوصول إلى الصورة الصحيحة للتعايش السلمي الديني وتعزيز ثقافة التسامح والتفاهم والتآلف. وشددوا على أن العالم الغربي مطالب هو الآخر بإعادة النظر في مناهج التعليم وليس العالم العربي والإسلامي فحسب لأن هناك مغالطات كبيرة في منهاج الغرب حول الصورة الصحيحة للمسلم والإسلام مشددين على فكرة مسألة تأصيل الحوار بين فئة الشباب والتعليم المباشر وتبادل التعليم بين مختلف الأديان والتعرف على الأديان من مصادرها الأصلية وليس عبر وسائط الاتصال فقط، كما شددوا على ضرورة مواجهة مسألة الإسلاموفوبيا للتخلص من عقدة الجهل والتخلف في تكريس هذه الفكرة الخاطئة.


وأشار عدد من المتحدثين إلى ضرورة الحوار داخل الدين الواحد ومراعاة التربية الدينية السليمة والحرص على الشفافية في الحوار بين الشباب معتبرين أن الشباب قادر على الإسهام الفاعل في بناء المجتمعات وهم الأكثر تقبلاً للآخر من الكبار، وطالب قسم آخر خلال الجلسة بوضع استراتيجية عالمية للشباب ووضع لغة سياسة مشتركة .. وفيما أعرب المشاركون عن تقديرهم وامتنانهم لمنظمي مؤتمر الدوحة، أشاروا إلى أن هذا المؤتمر يمثل بالفعل تجربة رائدة في جمع كافة أتباع الأديان في العالم من أجل السلام العالمي والديني، داعين إلى ضرورة إشراك الشباب في صنع القرارات السياسية والعمل على ترسيخ الحوار بين القادة الدينيين لمختلف الديانات.
وثمنوا الدور الذي اضطلع به الشباب في بيت لحم بفلسطين المحتلة في هذا السياق من أجل تعزيز ثقافة الحوار فيما دعوا إلى إيجاد صفحات على فيس بوك تكون بمثابة إطار لحوار هادف على أسس سسيولوجية لمواجهة الإحباط والبعد عن التعصب الديني واستخدام الإنترنت للحوار.


وشكلت الجلسة الختامية مجالاً جيداً لتوجه بعض المشاركين بالدعوة إلى تشكيل لجان أو مايسمى بفريق ديني لمواجهة معاداة الإسلام في بعض الدول مثل فرنسا وأمريكا وإفريقيا الوسطى كما شدد بعض المشاركين على أهمية الحوار الإنساني بكل معانيه وليس النقاش البيزنطي من أجل الانتصار لكرامة الإنسان واحترام حقوقه. وقالوا إن مشكلة الحوار ليست في الأديان بل في اتباعها، لذا فإن الأمر يقتضي تعزيز ثقافة الحوار البناء بين فئة الشباب من أجل مستقبل آمن.