"إثراء المستقبل": العالم العربي يحتاج بنية اقتصاديّة قائمة على المعرفة

الدوحة ـ أنور الخطيب
30  مايو 2016 م – العربي الجديد

 

يناقش المؤتمر في جلساته عدداً من القضايا الاقتصادية (العربي الجديد)

 

حالة عدم الاستقرار، والانهيار الاقتصادي في العديد من الدول العربيّة، والحاجة إلى عقد اجتماعي جديد في العالم العربي، أبرز القضايا التي هيمنت على الجلسة الافتتاحيّة للمؤتمر الحادي عشر لإثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط الذي افتتح في الدوحة الليلة، بحضور رئيس الوزراء ووزير الداخليّة القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني.
وفي الوقت الذي قال فيه وزير الاقتصاد والتجارة القطري الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني في افتتاح المؤتمر "إنه من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر معدّلات نمو مستقرّة بحوالي 3.4% خلال العام الجاري 2016م، متقدّماً بذلك على العديد من كبرى اقتصاديّات العالم. حيث سعت قطر إلى ترسيخ المعرفة في شتى المجالات، ولا سيّما الاقتصاديّة منها، من خلال انتهاج سياسات مرنة تعتمد على تنويع مصادر الدخل وتتماشى مع رؤية قطر الوطنيّة 2030".
رأى الدكتور هاني فندقلي – مجموعة كلينتون – الولايات المتحدة، أن هناك تراجعاً في معدل الدخل بالنسبة للمواطن العربي. عاقداً مقارنة بين اقتصاد مصر وكوريا الجنوبيّة ولافتاً إلى أن دخل المواطن المصري كان أعلى منه في كوريا الجنوبيّة في فترة الخمسينيّات إلا أن دخل المواطن في كوريا الجنوبيّة حالياً يعادل 18 مرّة نظيره في مصر.
وقال إن الاقتصادات العربيّة حققت معدّل نمو 1% كل عام على مدار ربع القرن الأخير، فيما تحقق معدّلات نمو السكان 2.5% ما يعني انخفاض معدّل الدخل للفرد العربي بنسبة 25%.
وأكد الدور الذي تلعبه الثورة التكنولوجيّة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي لافتاً إلى أن هذه الثورة سوف تواصل تأثيرها على الأيدي العاملة وأن هناك دراسات تشير إلى أن 50% من المهن الحاليّة لن يكون لها وجود بعد 50 عاماً من الآن.
وأشار إلى الحاجة لبنية اقتصاديّة جديدة تعتمد على المعرفة والابتكار، معرباً عن سعادته بالتغيّرات التي تقوم بها دولة قطر لتعزيز التنافسيّة الاقتصاديّة واهتمامها بالاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار.
وقال لقد أصبحت المعرفة المستندة إلى الإبداع والابتكار هي القيمة الرئيسيّة للمجتمعات في الدول المتقدّمة، وأداة أساسيّة للوصول إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة .
 من جهتها اعتبرت وزيرة التعاون الدولي السابقة في تونس آمال عزوز أن العالم العربي بحاجة إلى عقود اجتماعيّة جديدة بين المواطنين والحكومات مشيرة إلى أن المشكلات السياسيّة في عالمنا العربي هي الأساس للمشكلات الاقتصاديّة في غياب العقد الاجتماعي الذي يحكم العلاقات بين الدولة والمواطنين والحكومة، وأكدت على حاجة المواطنين في العالم العربي للشعور بالمعنى الحقيقي للمواطنة. والحاجة إلى عمليّة إدماجيّة توافقيّة شاملة من خلال تسويات سياسيّة تاريخيّة وبصياغة عقد اجتماعي جديد قائلة "إن مشكلة الاقتصاد مرتبطة بهذه المسألة الحيويّة".
 وقالت الأميرة بسمة آل سعود، - إنسيد القابضة- إن العالم العربي مرّ بمرحلة تغيير خلال السنوات الماضية حيث كانت المنطقة في حالة بركان حقيقي، مشيرة إلى أن هناك من لم يتكيّف مع هذا التغيير حتى الآن، وأضافت أننا نعيش الآن حالة ما بعد الربيع العربي، وأننا لم نقم بتفسير أسباب هذا الربيع بصورة جدّية.
واعتبرت أن "العامل الاقتصادي بالغ الأهمّية إذا ما تطرّقنا للحديث عن التغيير في العالم العربي".
وقالت "لم نستجب لبوادر وبواعث الأزمة والتقلبات التي أدت لانطلاق موجة الربيع العربي، وهو الأمر الذي أوصلنا لحالة الانهيار الاقتصادي التي تشهدها بعض دول المنطقة".
 فيما رأى وزير الاقتصاد والماليّة في المغرب محمّد بو سعيد، أن التحدّي الأول الذي يواجه المنطقة هو كيفيّة إرساء الاستقرار والأمن في بعض الدول، فمن دون هذا الاستقرار لن تتمكن الدول العربيّة من تحقيق الازدهار والتنمية والتقدّم، مضيفاً أن المنطقة في حاجة إلى دول قويّة وديمقراطيّة، مشدّداً على أن الاستقرار والأمن حجراً الزاوية للتنمية والانطلاق نحو المستقبل بثبات.
واعتبر الوزير المغربي أن الاندماج الإقليمي ضرورياً لإحداث تنمية اقتصاديّة في عالمنا العربي، مشيراً في هذا الصدد إلى تجربة المغرب في التطوّر بقوله إن بلاده عزّزت علاقاتها وشركاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما دفع بها لتعزيز فرص التنمية وتقوية الاقتصاد. وقال إن الطرفان لديهما المقدرة على تحقيق التغيّر سويّاً، حيث أن الاتحاد والعمل المشترك يقوّيان التنمية ويدعمانها بصورة كبيرة.
وتابع بقوله، إن استحداث الوظائف للشباب من أهمّ الأوّليات في السنوات المقبلة، باعتبار ان شعوب العالم العربي هي شعوب شابة. وأشار إلى أنه في ظل انخفاض أسعار النفط علينا أن نبحث عن نموذج جديد للتطور، والعمل على تنويع الاقتصاد، وهو الحل المناسب في الوقت الحالي.
ويناقش المؤتمر الذي يشارك فيه خبراء وأكاديميون وصناع قرار، في اليومين المقبلين، قضايا وملفات عدة أهمها تداعيات هبوط أسعار النفط على اقتصادات المنطقة وفرص النمو، والأمن في المنطقة، وتأثير التحالفات الجيوسياسية المتغيرة على الاستقرار السياسي في المنطقة، إضافة إلى وجود أوروبا والولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط اليوم، والضغوط الاقتصاديّة المتزايدة من جراء أزمة اللاجئين والسباق الرئاسي وحال السياسية في الولايات المتحدة الأميركيّة وتأثير داعش في سوريّة والعراق على الاقتصاد العالمي، وتنظيم داعش، والنفط وآسيا الوسطى وطريق الحرير، وغيرها من القضايا المهمّة.