منتدى الدوحة وتحدّي الاستمرار

جريدة الشرق – 24 مايو 2016م
بقلم: خالد عبد الله الزيارة

شهدت البلاد حدثاً عالميّاً كبيراً حرصت دولة قطر على انعقاده سنويّاً برعاية كريمة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدّى "حفظه الله"، فجاءت الدورة الـ16 لمنتدى الدوحة استكمالاً لسلسلة منتديات سابقة كانت الدوحة هي الغطاء الفاعل لها، والتي عقدت هذا العام تحت شعار:"الاستقرار والازدهار للجميع" في الفترة من 21 إلى 23 من شهر مايو الجاري، بحضور رؤساء دول ومشاركة حشد ضخم من كبار المسؤولين ورجال الأعمال والأكاديميين والإعلاميين والبرلمانيين والمفكرين وممثلي منظمات إقليميّة ودوليّة وممثلي منظمات المجتمع المدني.


منتدى الدوحة 2016م فور انطلاقته كان له بريقه الوهّاج لزخم القضايا المطروحة على أجندته وثقل المشاركين من مسؤولين أمميّين ووزراء خارجيّة ودفاع لعدد من الدول، حيث ناقشوا الوضع الراهن وسُبل مواجهة التحدّيات، وحملوا في أجندتهم قضايا تردّد صداها بين أروقة جلسات المنتدى ووجّهوا بوصلتهم تجاه التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة التطرّف والعنف، ودقّقوا بإشارات واضحة بأن تضطلع الأمم المتحدة بمهامها وتقوم بدورها دون تفرقة، وخاصة فيما يتعلق بقرارات مجلس الأمن الدولي، وكذلك تعزيز دور المرأة، والتوزيع العادل للثروات، وإطلاق مبادرات جديدة من شأنها حماية حقوق الإنسان والقضاء على العنف ومحاصرة الإرهاب.


إن دولة قطر عندما تنبري لاحتضان مثل هذه المنتديات وترعاها على أعلى القيادة في الدولة، فهذا ما يؤكد حرص قيادتنا الرشيدة مشاركة العالم في طرح قضاياهم المصيريّة دون تفرقة، فالكل معني بما يحدث في بقع ملتهبة في مناطق مختلفة من العالم، ومنتدى الدوحة وسط اهتماماته يسعى لجمع أكبر عدد من الخبراء والأكاديميين والسياسيين، وصنّاع القرار والمختصّين ورجال الأعمال والناشطين ومنظمات المجتمع المدني من مختلف دول العالم، لمناقشة سُبل تحقيق الاستقرار والازدهار الإقليمي والعالمي في ضوء التحدّيات الكبرى التي تواجه عالم اليوم.


استخلصنا من كلمات المشاركين في جلسات المنتدى وجود مجمل موضوعات محلّ اهتمام مشترك بين الوفود الحاضرة، من أبرزها إجماعهم على أن التحدّيات التي تواجهها دول العالم متعدّدة وتهدّد الأمن الدولي، وتبيّنت رغبتهم ببلورة رؤية مشتركة من أجل التصدّي لها وتحقيق السلام والاستقرار، وهناك توافق بوجود غياب رؤية حقيقيّة لكيفيّة التعامل مع هذه الحروب المشتعلة وحذّروا من أن السيناريوهات المقبلة ستكون مخيفة، ممّا يحمّل منتدى الدوحة مسؤوليّة تشخيص الحالة الراهنة واقتراح حلول لمعالجتها.


بحسب الجهة المنظمة للمنتدى، فإنه يهدف إلى بحث "أفضل الوسائل" لمواجهة التهديدات والتحدّيات المتعاظمة التي تقف في وجه المجتمعات البشريّة، والتي لا يمكن مواجهتها بأساليب أو سياسات فرديّة، وهو ما يدعو إلى أن يكون المنتدى فرصة للحوار المثمر، وفتح باب الحوار والنقاش على مصراعيه لتلمّس الطرق السالكة لمواجهة التحدّيات العالميّة معاً.


تحالف الأمم المتحدة للحضارات بقيادة الدبلوماسي القطري المحنّك ناصر بن عبد العزيز النصر مناط به العمل على تفعيل كثير ممّا سيتمخّض عنه المنتدى من توصيات كون التحالف يعد إحدى الأدوات الناعمة التي تمّ إنشاؤها من أجل المساهمة في تحقيق عالم أكثر أماناً وسلماً من خلال التصدّي للتطرّف والراديكاليّة وتعزيز التبادل الثقافي والتصدّي للمشاكل والتحدّيات التي يواجهها عالمنا المعاصر.


منتدى الدوحة مهّد الطريق للتفاعل ووضع الرؤى والحلول المناسبة للخروج بموقف موحّد، ومتى ما وجد التوافق ووجّهت موارد المنطقة ومجهوداتها نحو التنمية والاقتصاد والرخاء فإن العالم سيستفيد كثيراً وسوف ننأى بعالمنا الدخول في سلسلة طويلة من الصراعات المدمّرة.